مصحفا وفق نزول القرآن «١» ، ولم نر نقدا أو إنكارا لهذا وذاك، مما جعلنا نرى السير على هذه الطريقة سائغا. لا سيما والقصد منه هو خدمة القرآن بطريقة تكون أكثر نفعا. وليس هو الانحراف والشذوذ. والله أعلم بالنيات، ولكل امرئ ما نوى. ومع ذلك فقد رأينا أن نستوثق من صحة ما ذهبنا إليه فاستفتينا سماحة الشيخ أبي اليسر عابدين مفتي سورية والشيخ عبد الفتاح أبا غدة، الذي كان من المرشحين لإفتاء مدينة حلب، فتلقينا منهما جوابا مؤيدا حيث قال الأول في جوابه:«إن التأليف والتصنيف تابع لأغراض المؤلفين حسبما يعرض لهم من أشكال، لإظهار الفوائد التي يطلعون عليها، وليس التفسير بقرآن يتلى حتى يراعى فيه ترتيب الآيات والسور، فقد يعنّ للمفسر أن يفسر آية ثم يترك ما بجانبها لظهور معناها وقد يفسر سورة ثم يترك ما بعدها اعتمادا على فهم التالي. ولا مانع من تأليف تفسير على الشكل المذكور، والله أعلم» .
وحيث قال الثاني: «إن شبهة المنع لهذه الطريقة آتية من جهة أنها طريقة تخالف ما عليه المصحف الشريف اليوم من الترتيب المجمع عليه والمتواتر إلى الأمة نقله جيلا بعد جيل. ودفع هذه الشبهة أن المنع يثبت فيما لو كان هذا الصنيع مسلوكا من أجل أن يكون هذا الترتيب مصحفا للتلاوة، أي ليتلو الناس القرآن على النحو الذي سلكتموه. أما وإن الغرض للمفسر والقارئ معا غير هذا فلا مانع من
(١) «الإتقان في علوم القرآن» للسيوطي ج ١، ص ٦٥ مطبعة عثمان عبد الرزاق، طبعة عام ١٣٠٦ هجرية.