نطلع على جميع كتب التفسير. وليس في فصول التفسير التي عقدها البخاري ومسلم في صحيحيهما شيء من ذلك أيضا مع التنبيه إلى أن هذين رويا حديثا عن عائشة قريبا في نصه إلى ما رواه البغوي وهذا نصه:«قالت سحر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يهوديّ من يهود بني زريق يقال له لبيد بن الأعصم حتّى كان رسول الله يخيّل إليه أنه يفعل الشيء وما يفعله حتى إذا كان ذات يوم أو ذات ليلة دعا رسول الله ثم دعا ثم دعا ثم قال يا عائشة أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه، جاءني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجليّ فقال الذي عند رأسي للذي عند رجليّ أو الذي عند رجليّ للذي عند رأسي ما وجع الرجل؟ قال: مطبوب. قال: من طبّه؟
قال: لبيد بن الأعصم. قال: في أي شيء؟ قال: في مشط ومشاطة وجفّ طلعة ذكر. قال: فأين هو؟ قال: في بئر ذي أروان. قالت: فأتاها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في أناس من أصحابه ثم قال يا عائشة والله لكأنّ ماءها نقاعة الحنّاء ولكأنّ نخلها رؤوس الشياطين. فقلت يا رسول الله أفلا أحرقته قال لا. أمّا أنا فقد عافاني الله وكرهت أن أثير على الناس شرا فأمرت بها فدفنت» «١» . وفي تفسير الخازن تعقيبا على نص قريب من هذا النص بهذه العبارة:«إن للبخاري رواية أخرى ذكر فيها أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن. وأن سفيانا قال إن هذا أشدّ ما يكون من السحر» .
وروايات البغوي والطبرسي والخازن والنيسابوري وابن كثير تقتضي أن يلتزموا القول بأن السورتين مدنيتان. غير أنهم لم يفعلوا ذلك فقال البغوي إنهما مكيتان وقيل إنهما مدنيتان. وقال الطبرسي أكثر الأقاويل أنهما مدنيتان وقيل إنهما مكيتان. وقال النيسابوري إنهما مكيتان. ولم يذكر ابن كثير والخازن لهما صفة.
أما المفسرون الآخرون فمنهم من لم يصفهما بصفة مثل الطبري ومنهم من قال إنهما مدنيتان. ومنهم من قال إنهما مختلف فيهما مثل النسفي والزمخشري.