للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في مقامها تعني كما هو المتبادر الذنب المقترف بصورة عامة. ولقد وردت الكلمة في هذا المعنى في آيات عديدة مكية ومدنية مثل آية سورة الأعراف هذه: قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ (٣٣) وآية سورة الأنعام هذه:

وَذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَباطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِما كانُوا يَقْتَرِفُونَ (١٢٠) وآية سورة المائدة هذه: وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ [٢] وآية سورة النور هذه: لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ [١١] حيث يبدو من هذا أن الحديث النبوي إنما احتوى تعريفا بأخف مظاهر الإثم لينبه على أن هذا المظهر مكروه عند الله ومؤاخذ عليه فيكون ما هو أكبر منه أكثر كراهية ومؤاخذة.

على أن جملة كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ في مقامها تعني الذنوب الكبيرة كما هو المتبادر. وهناك أحاديث نبوية عديدة في وصف هذه الذنوب. وأكثرها متماثل بخلاف يسير ومنها المرفوع ومنها المتصل ومنها ما ورد في كتب الأحاديث الصحيحة بوصف الموبقات. ومما ذكر فيها الشرك بالله. وأكل مال اليتيم، وأكل الربا وقذف المحصنات والفرار يوم الزحف واستحلال البيت الحرام، وشهادة الزور وعقوق الوالدين وشرب الخمر والسحر والبهتان والقتل وترك الصلاة واليمين الغموس والزنا واستطالة المسلم في عرض رجل مسلم بغير حق. والقنوط من رحمة الله وسوء الظن بالله والسرقة والغلول ومنع فضول الماء والتعرب بعد الهجرة- أي العودة إلى الأعراب والبادية. وهناك من قال إن الكبائر كثيرة قد يصل عددها إلى سبعين بل وإلى سبعمائة «١» .

وهذه بعض نصوص الأحاديث النبوية الواردة في ذلك، فمن ذلك حديث


(١) انظر تفسير الآية [٣١] من سورة النساء في كتب تفسير الطبري وابن كثير والبغوي والخازن والقاسمي وغيرهم. وأكثرهم استيعابا للأحاديث الواردة في كتب الأحاديث الصحيحة وغيرها ابن كثير.

<<  <  ج: ص:  >  >>