أوحى الله به. وهذا وذاك مما جرى من سنن الله في إنذار البشر منذ الأزمنة الأولى كما أنهما متصلان في أهدافهما ومضامينهما بما أرسل الله من رسل وأوحى إليهم من كتب، وهذا المعنى قد تكرر كثيرا في القرآن، والمتبادر أنه استهدف تأنيب الكفار على مواقفهم من جهة وتقرير وحدة الأسس والمصدر بين دعوة النبي صلّى الله عليه وسلّم ودعوة الأنبياء السابقين عليهم السلام من جهة أخرى، ولما كان السامعون والكفار منهم يعرفون خبر رسالات الرسل السابقين كانت الحجة قد قامت عليهم.
والآية الثانية وإن كان يبدو من ظاهرها أنها تتضمن معنى اقتراب يوم القيامة فإن روحها تلهم أنها بقصد الإنذار بهذا اليوم مطلقا إنذار فيه إرهاب وقطعية، على اعتبار أن الشيء الذي لا بد من مجيئه وشهوده واقع لا ريب فيه ومقترب إليهم.
فكأنما أريد تذكير السامعين وخاصة المكذبين بأسلوب إنذاري حاسم أن ما يظنونه غير ممكن أو غير حقيقي أو بعيد الاحتمال هو أمر حقيقي لا ريب فيه، ولا يقيهم من هوله إلّا اللجوء إلى الله والاستجابة إلى دعوة نبيه، وفي هذا من التلقين وقوة الوازع ما فيه.