آمنوا وعملوا الصالحات الذين لهم عنده الأجر الدائم. وانتهت آياتها بسؤال استنكاري عن السبب الذي يحمل الناس على التكذيب بالجزاء الأخروي بعد هذا البرهان وبجواب رباني بأسلوب السؤال بأن الله هو أحكم الحاكمين وأن صفته هذه تقتضي ذلك الجزاء.
ولقد تعددت الأقوال المعزوة إلى ابن عباس وعلماء التابعين كالحسن وعكرمة ومقاتل ومجاهد وعطاء.
أولا: في مدلول وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ، حيث قيل إنهما الثمرتان بذاتهما وقد أقسم الله بهما لكثرة منافعهما وحيث قيل إن التين جبل أو مسجد في دمشق والزيتون جبل أو مسجد في بيت المقدس. وحيث قيل إن المقصود منابتهما في دمشق وبيت المقدس على اعتبار أنهما قد اشتهرا بهما. ولا حظ بعض المفسرين أن طور سينين مهبط وحي موسى عليه السلام والبلد الأمين مهبط وحي محمد صلّى الله عليه وسلّم وأن فلسطين كانت مشهورة بكروم زيتونها وتينها وهي مهبط وحي عيسى عليه السلام وأن التساوق يقضي أن يكون المقصود هو فلسطين المشهورة بتينها وزيتونها. وفي هذا وجاهة ظاهرة «١» .
ثانيا: في مدلول أَسْفَلَ سافِلِينَ حيث قيل إنها الشيخوخة التي يرتد فيها الإنسان إلى أرذل العمر بعد ما كان عليه من القوة العقلية والجسمية. وحيث قيل إنها النكال الأخروي الذي يكون نصيب المنحرفين عن سبيل الله من الناس. واستثناء
(١) انظر تفسير الطبري والبغوي وابن كثير والطبرسي والخازن والقاسمي. ولقد ذكرت أقوال أخرى فيها غرابة تركناها واكتفينا بما هو وارد ومشهور. وفي صدد شهرة فلسطين بكرومها منذ القديم وردت في الإصحاح السادس من سفر التثنية من أسفار العهد القديم المتداولة هذه العبارة في وصف أرض كنعان (مدن عظيمة لم تبنها وبيوت مملوءة خيرا لم تملأها وكروما وزيتونا لم تغرسها) . وفي كتاب التفسير والمفسرون للذهبي أن بعض مفسري الشيعة أوّلوا كلمة (الزيتون) بعلي وبعضهم بالحسين رضي الله عنهما. (ج ٢ ص ٦٩ و ٧٠) وهذا من غرائب تأويلاتهم.