والآيات متصلة بسابقاتها بقرينة جملة أَفَلَمْ يَنْظُرُوا التي تنصرف إلى الكفار الذين حكت الآيات السابقة عجبهم من رسالة النبي واستبعادهم البعث الأخروي. وهي بسبيل البرهنة على قدرة الله. والسؤال الذي بدأت به الآيات استنكاري يتضمن التنديد بالجاحدين لإنكارهم قدرة الله بينما يرون آثارها العظيمة ماثلة أمامهم في السماء وبديع خلقها وزينتها، والأرض ورواسيها وصنوف نباتها وأشجارها والمطر المبارك الذي ينزل من السماء فينبت به الشجر والحب وتحيا به الأرض بعد موتها ويعرفون أن ذلك من آثار تلك القدرة. وليس البعث بأعظم من ذلك.
ولقد حكى القرآن اعترافهم بأن الله هو الذي خلقهم وأنه هو الذي خلق السموات والأرض على ما أوردنا شواهده القرآنية في السورة السابقة وبذلك تستحكم حجة الله فيهم.
ولقد أشير في آيات أخرى إلى تزيين الله سبحانه السماء بالكواكب منها آية سورة الصافات هذه: إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ (٦) حيث يمكن القول إن العبارة القرآنية هنا قد قصدت ذلك.
وجملة أَفَلَمْ يَنْظُرُوا التي بدأت بها الآيات قد تفيد أن ما لفت نظر السامعين أو الجاحدين إليه فيها من بديع خلق الله ونواميس كونه ولا سيما عدم وجود شقوق في السماء وزينتها مطابق لما كان في أذهانهم عنها. وبذلك تستحكم كذلك حجة القرآن فيهم من هذه الناحية أيضا.
ولقد انطوت الآية الأخيرة على تشبيه إحياء الأرض بالماء بعد موتها بالبعث الأخروي. وعلى دليل على قدرة الله عزّ وجلّ على هذا البعث. فالماء الذي ينزله الله تعالى من السماء يثير في الأرض الميتة الجافة مظاهر الحياة المتنوعة. والذي يقدر على ذلك يقدر بطبيعة الحال على بعث الناس بعد موتهم. وقد تكرر هذا البرهان التشبيهي المقتطع من مشاهدات الناس في المناسبات المماثلة، ومن ذلك