الذي كان النبي المرسل إلى قومه. وليس في آيات القصص ولا في آيات أخرى ما يفيد أن الذي تزوج موسى ابنته هو شعيب النبي. وليس في الأسفار ذكر لرسالة شعيب أو كاهن مدين لقومه. غير أن هذا لا يمنع أن يكون ذلك ورد في قراطيس ضاعت. لأن المتداول اليوم من الأسفار ليس كل ما كان متداولا على ما سوف نشرحه في مناسبة قريبة آتية. وفي كتب التفسير بيانات كثيرة حول رسالة شعيب لقومه معزوة إلى علماء التابعين. وردت في سياق قصته في السور الأخرى على ما سوف نشرحه بعد حيث يدل هذا على أن قصة رسالته مما كان متداولا في عصر النبي صلّى الله عليه وسلّم وبيئته. ومدين كانت في طريق قوافل أهل الحجاز إلى بلاد الشام ومصر. والراجح أنهم كانوا يتداولون معارف قديمة عنها ومن جملة ذلك رسالة شعيب. وما حلّ في مدين من العذاب الرباني مما ذكر في قصته في السور الأخرى.
وتبّع لقب لملوك اليمن قبل البعثة النبوية مثل ألقاب كسرى وقيصر والنجاشي. وواضح أن المقصد من الجملة أهل اليمن الذين كانوا تحت حكم الملوك التبابعة. وهم غير قوم عاد الذين هم أقدم منهم. وهذا مؤيد بذكر القومين معا في آية واحدة. وفي كتب التفسير والتاريخ بيانات كثيرة عن الملوك التبابعة الذين استمر حكمهم إلى ما قبل عصر النبي صلّى الله عليه وسلّم بقليل معزوة إلى علماء التابعين والذين كان منهم الذين اعتنقوا اليهودية واضطهدوا النصارى على ما شرحناه في سياق سورة الفيل والذين كان في عهدهم سيل العرم الذي ذكر في آيات سورة سبأ هذه: فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ (١٦) ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ (١٧) . وقد قرئت على المنقوشات أخبار كثيرة عن المملكة السبئية والحميرية للمدة العائدة إلى ما قبيل الميلاد للمسيح والممتدة إلى أواسط القرن السادس بعد الميلاد وهي مملكة التبابعة التي عناها القرآن وعنتها الروايات العربية على الأرجح والمتبادر أن أهل بيئة النبي صلّى الله عليه وسلّم كانوا يتداولون أخبارهم في جملة ما يتداولون من أخبار جزيرة العرب