لهم. وقد انتهت الحلقة الأولى بالتنويه بالقرآن الكريم المبارك وكون الله قد أنزله على نبيه ليتدبّر السامعون آياته ويتذكّر أولو الألباب منهم فيهتدوا وينيبوا.
وهكذا يتسق هدف القصص القرآنية الذي نبهنا عليه سواء أكان قصص أنبياء مع أقوامهم أم قصص أنبياء لحدّتهم، وهو التدعيم والعظة والعبرة والدعوة إلى التأسي. وقد جاءت هذه السلسلة بعد حكاية ما كان من مواقف الكفار والمكذبين وعنادهم. وهو ما جرى عليه النظم القرآني على ما ذكرناه في مناسبات سابقة.
وداود يذكر لأول مرة هنا. وقد تكرر ذكره بعد ذلك، كما أن سيرته واردة بشيء من الإسهاب في بعض أسفار العهد القديم «١» . وهناك سفر خاص منها يعرف بالمزامير، فيه استغفار وتمجيد وتقديس وابتهالات لله يعزى أكثر فصوله إلى داود.
والراجح أنها هي الزبور الذي اقترن في القرآن باسم داود وذكر أن الله آتاه إياه كما جاء في آيات قرآنية عديدة منها آية النساء [١٦٣] التي فيها هذه الجملة: وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً (١٦٣) .
أما ملخص ما ورد في أسفار العهد القديم المتداولة اليوم من سيرته فهو أن جدته لأبيه مؤابية وأنه كان بارعا في الضرب على الكنارة وأنه بارز جالوت قائد الفلسطينيين وقتله وصار من رجال الملك طالوت وأن هذا خاف منه على ملكه وصار يطارده ويتربص به ليقتله فالتجأ إلى الفلسطينيين وكان يحارب معهم. ولما مات طالوت بايعه فريق من بني إسرائيل ملكا في حبرون ثم صار ملكا على جميع بني إسرائيل واتخذ بيت المقدس التي كانت تسمّى أورشليم وكانت من قبل تسمى (يبوس) عاصمة له ونشبت بينه وبين الفلسطينيين الذين كان لهم ممالك عديدة في جنوب فلسطين وبينه وبين العمونيين والمؤابيين في شرق الأردن وبينه وبين الآراميين في سورية حروب انتصر فيها وصار سلطانه واسعا قويا في الشطر الأول
(١) هي سفر صموئيل الأول وصموئيل الثاني والملوك الأول وأخبار الأيام الأولى في الطبعة البروتستانتية وأسفار الملوك الأول والثاني والثالث وأخبار الأيام الأولى في الطبعة الكاثوليكية.