للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما ما جاء في هذه الآيات وغيرها من دور إبليس والشيطان وأعوانهما في إغراء الناس وإغوائهم، ومن صراحة القرآن بموافقة الله عزّ وجلّ على قيامه بهذا الدور كما جاء في آيات أخرى منها آيات سورة الإسراء هذه التي جاء فيها ذلك بصراحة: قالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ جَزاءً مَوْفُوراً (٦٣) وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً (٦٤) إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلًا (٦٥)

فيمكن أن يقال في صدده إن من واجب المسلم الإيمان به ما دام القرآن قد أخبر به دون تورط كذلك في التخمين ومع الإيمان بأن لذلك حكمة يمكن أن تكون قصد تقرير كون الناس معروضين للاختبار وأنهم بعد أن يكون الطريق قد وضح لهم بواسطة رسل الله يصبحون مدعووين لاختيار ما فيه الصلاح والخير والحق. فالذين حسنت نياتهم وصفت قلوبهم وبرئوا من الهوى والعناد يستجيبون ولا يتأثرون بوسوسة الشيطان. وهم الذين قالت الآيات إنهم المخلصون الذين ليس لإبليس سلطان عليهم. أما الذين خبثت نياتهم وغلظت قلوبهم وتغلّب عليهم الهوى والعناد فهم الذين لا يستجيبون لداعى الله ويتأثرون بوسوسة الشيطان وهم أتباع إبليس الذين قالت الآيات إن الله سيملأ بهم جهنم. ويندمج في هذا تقرير القرآن لمعنى كون الناس غير واقعين في أمر محتم عليهم منذ الأزل ليس لهم منه مناص. لأنهم لو كانوا كذلك لما كان مجال لامتحان الله وتسلّط إبليس عليهم بالوسوسة والإغراء. ولما كان محل للقول إنّ عباد الله الصالحين المخلصين لن يتأثروا بالوسوسة والإغراء لأن تأثير أولئك وعدم تأثّر هؤلاء إنما يكون معقولا بسبب الاختيار وحرية الإرادة والاستجابة سلبا وإيجابا. وبعبارة أخرى قصد الإنذار والتنبيه والتحذير والتطمين والبشرى.

ولقد ذكر المفسرون أقوالا في صدد أسباب شمول الخطاب الرباني بالسجود لإبليس مع أن الخطاب موجه للملائكة وفي صدد الأمر بطرد إبليس من الجنة مع آدم وزوجته وإهباطهم إلى الأرض ليكون بعضهم عدوا لبعض، ثم في صدد ما ورد

<<  <  ج: ص:  >  >>