تستند إليها، وتدلّ أو تقوم قرينة على أن القرآن كان يدوّن بانتظام ويحفظ بانتظام وإن آياته قد رتبت في السور وسوره قد رتبت في تسلسل في حياة النبي عليه السلام، مما يعدّ جديدا في هذا الباب لم نطلع على مثله.
فأولا إن في بعض السور آيات احتوت قرائن قوية على أن ما كان ينزل من القرآن كان يدوّن حال نزوله وأن مدوناته كانت تحفظ وتتلى على ملأ الناس:
. فهذه الآيات جاءت معترضة بين آيات متصل قبلها بما بعدها اتصال موضوع وخطاب ونظم، في حين أنها غير متصلة بهذه الآيات موضوعا ولا خطابا ولا نظما كما يبدو حين قراءة السياق بطوله «١» .
وقد روي بمناسبتها حديث يستفاد منه أنها نزلت على النبي لأنه كان حينما يتلقى وحي القرآن يحرك شفتيه بما ينزل على قلبه خشية نسيانه. ووجود هذه الآيات في موضعها يلهم بقوة أنها أوحيت إلى النبي في أثناء نزول الآيات التي قبلها والتي بعدها. ولا يصح فرض غير هذا فيما نعتقد لفهم حكمة وجودها في السياق، ولا مناص من فرض ثان مع الفرض الأول وهو أن النبي أمر بتدوين آيات السورة فور وحيها، وأملى على الكاتب هذه الآيات في سياق آيات السورة لأنها أوحيت إليه مع آيات السورة، مع أنها كانت خطابا خاصا له وبقصد تعليمه كيفية تلقي الوحي فدونت كما جاءت. وفي هذه الآيات في موضعها ملهمات أخرى