للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«كانت المرأة تطوف بالبيت وهي عريانة فتقول من يعيرني تطوافا تجعله على فرجها وتقول:

اليوم يبدو بعضه أو كلّه ... وما بدا منه فلا أحلّه

فنزلت خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ» «١» ونحن نتوقف في كون ذلك سببا لنزول الآية. وكل ما يمكن أن يكون هو أن ابن عباس أراد تفسيرها وبيان مداها.

لأن مقتضى الحديث أن تكون نزلت لحدتها في حين أنها منسجمة مع ما قبلها وما بعدها انسجاما وثيقا. ويتبادر لنا أن الآيات تضمنت تعقيبا على الآيات السابقة وهتافا للناس على النحو الذي شرحناه آنفا. والله أعلم.

ومقتضى حديث ابن عباس أن المرأة فقط هي التي كانت تطوف عريانة غير أن هناك روايات أوردها المفسرون في سياق تفسير الآية [٣] من سورة التوبة تفيد أن ذلك كان عادة عامة يمارسها الرجال والنساء معا. وهناك حديث رواه البخاري والترمذي عن أبي هريرة قال: «بعثني أبو بكر في الحجّة التي أمّره رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عليها قبل حجّة الوداع في رهط يؤذّنون في الناس بمنى أن لا يحجّ بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان ثم أردف النبي صلّى الله عليه وسلّم بعلي يؤذن ببراءة فأذن معنا عليّ في أهل منى يوم النّحر ببراءة» «٢» . وهناك أحاديث أخرى في هذا الصدد سوف نوردها ونعلّق عليها في سياق تفسير سورة التوبة. ومما رواه المفسرون «٣» في سياق تفسير آيات الأعراف التي نحن في صددها في صدد عادة الطواف بالعري أن العرب كانوا قبل الإسلام يرون من واجبهم طرح ثيابهم إذا طافوا بها لئلا يقترفوا ذنوبا وهي عليهم بعد أن تطهّرت. فكانوا يستأجرون مآزر من سدنة الكعبة تسمى المآزر الأحمسية نسبة إلى كلمة الحمس التي كانت السدنة يتسمون بها ومن لا يجد أو لم يستطع طاف في حالة العري رجالا كانوا أم نساء ضنا بثيابهم أن يرموها ويحرموا


(١) التاج ج ٤ ص ١٠٣.
(٢) المصدر نفسه ص ١١٤.
(٣) انظر تفسير الآيات في الطبري والبغوي وابن كثير والخازن.
الجزء الثاني من التفسير الحديث ٢٥

<<  <  ج: ص:  >  >>