بين الجنة والنار وأهلهما والأعراف هي شرفاته. وعلى كل حال فالآيات معطوفة على ما سبقها واستمرار في السياق كما هو المتبادر.
ولقد تعددت الروايات التي يرويها المفسرون عن أهل التأويل في ماهية أصحاب الأعراف وفي الذين تحكي الآيتان [٤٦ و ٤٧] مواقفهم وأقوالهم. وقد رويت أحاديث نبوية في صدد ذلك أيضا. منها حديث رواه الطبري يذكر «أن رجلا من بني النضير أخبر عن رجل من بني هلال أن أباه أخبره أنه سأل رسول الله عن أصحاب الأعراف فقال هم قوم غزوا في سبيل الله عصاة لآبائهم فقتلوا فأعتقهم الله من النار بقتلهم في سبيله وحبسوا عن الجنة بمعصية آبائهم فهم آخر من يدخل الجنة» . وقد أورد ابن كثير من طرق أخرى حديثين بصيغتين مقاربتين للحديث الذي رواه الطبري. وروى حديثا آخر عن جابر بن عبد الله:«أن رسول الله سئل عمن استوت حسناته وسيئاته فقال أولئك أصحاب الأعراف لم يدخلوها وهم يطمعون» . أما الأقوال التي يرويها المفسرون عن أهل التأويل مثل ابن عباس والسدي ومجاهد والضحاك وأبي مجلز فمنها أن أصحاب الأعراف هم أطفال المشركين أو أطفال المؤمنين، أو أهل الفترة، أو أناس استوت حسناتهم وسيئاتهم، أو أناس تجاوزت بهم حسناتهم عن النار وقصرت بهم سيئاتهم عن الجنة. وهم آخر من يغفر الله لهم ويؤذن لهم بدخول الجنة. بعد أن يأمرهم بالاغتسال والتطهّر من نهر الحياة حتى تتلألأ أبدانهم. ومنها أنهم جماعة العلماء والفقهاء من الأمم يطلعون على الناس ويخاطبونهم. ومنها أنهم الأنبياء أو خزنة الجنة والنار أو كتّاب أعمال الناس من الملائكة. ورووا في مدى جملة يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ أن سيما المؤمنين تكون نضرة وبياضا وسيما الكافرين سواد بشرة ووجوه وزرقة عيون. وروى الطبرسي المفسّر الشيعي عن أحد الأئمة الاثني عشر أبي جعفر أن أصحاب الأعراف هم آل محمد. لا يدخل الجنة إلّا من عرفهم وعرفوه.
ولا يدخل النار إلّا من أنكرهم وأنكروه. وروى إلى هذا أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه نفسه وهم قسيم الجنة والنار وأورد في ذلك حديثا جاء فيه: «أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال لعلي يا عليّ كأني بك يوم القيامة وبيدك عصا عوسج تسوق قوما