للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أواسطه، تحتوي دلائل على أن القرآن كان يدوّن حال نزوله ويتلى وينشر بين الناس ويسمعه المشركون كما يتداوله المسلمون أيضا.

٧- إن القرآن المكي احتوى آيات كثيرة تصف القرآن بالكتاب- وهذه الكلمة تأتي بمعنى المكتوب أيضا- ومنها ما يجمع بين الكلمتين معا «الكتاب والقرآن» «١» أي الكتاب المقروء المكتوب «٢» ، وتنوه بخطورته وتشير إليه كأعظم مظهر وآية للنبي والنبوة وتذكر أنه أنزل ليتلى على الناس، وأن فيه متنوع الأمثال ليتدبروا آياته ويعقلوها، وأنه أنزل على النبي ليبيّن لهم ما أنزل إليهم من ربهم ويوضح لهم ما اختلفوا فيه كما يستفاد منها أن القرآن نفسه كان موضوع جدل رئيسي بل أهم موضوع جدل بين النبي والمشركين في مكة «٣» . فكل هذا يلهم أنه كان يدون وتتلى مدوناته على الناس مسلمين ومشركين كما يلهم أن المسلمين أيضا كانوا يدونونه ليتدبروا ويتذكروا ويتعلموا ويتفقهوا فيه.

٨- في سورة الفرقان آية تلفت النظر وهي: وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها «٤» فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (٥) فهذه الآية تلهم أن القول ليس مما يرمى جزافا وإنما هو مستند إلى مشاهدة بأن آيات القرآن وسوره كانت تدون وتتلى على الناس في صحف فكان المشركون يصفونها بهذه الصفة، ويريدون بذلك أن النبي كان يستكتبها عن كتب الأولين وأساطيرهم.


(١) مثل الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ الحجر: [٢] . وطس تِلْكَ آياتُ الْقُرْآنِ وَكِتابٍ مُبِينٍ النمل: [١] .
(٢) يرجح بعض علماء اللغة أن كلمة القرآن مصدر من مصادر «قرأ» ونحن نعتقد أنها متصلة بجذر «قرأ» على كل حال وقد قال بعض المستشرقين إنها دخيلة عبرانية. ولا نرى لهذا مبررا لأن جذر قرأ أصلي في اللغة العربية، على أن ما لا شك فيه أن الكلمة بصيغتها كانت مستعملة قبل نزول القرآن وليس من الضروري أن تكون دخيلة عبرانية معربة إذا لاحظنا خاصة أن العربية والعبرانية تمتّان إلى أصل واحد وأن كثيرا من الجذور فيها متّحد. [.....]
(٣) هذه الآيات كثيرة جدا ومنبثة في مختلف السور المكية مما يجعلنا في غنى عن التمثيل لها.
(٤) تأتي بمعنى استكتبها كما ذكر الزمخشري في «الكشاف» .

<<  <  ج: ص:  >  >>