سياق طويل عنهم على هامش هذه الحلقة معزو إلى السدي وابن زيد وابن وهب وغيرهم من علماء الصدر الأول حيث يفيد هذا أن سامعي القرآن من أهل بيئة النبي صلّى الله عليه وسلّم كانوا يتداولون أخبارهم جيلا عن جيل. ومما ذكروه أنهم كان لهم صنم اسمه صداء أو صمود وصنم آخر اسمه الهباء. وأن السماء أمسكت عنهم بسبب كفرهم حتى جهدوا وذهبوا إلى الاستغاثة عند الكعبة ثم رجعوا فظهرت لهم سحابة ظنوها الغيث وإذا فيها العذاب الذي جاءهم كريح شديدة مدمرة أهلكتهم ونجى الله هودا والذين آمنوا معه. ومما ذكروه أن بلادهم هي أرض الشجر من بلاد اليمن مما يلي حضرموت إلى عمان أو أنها الأحقاف التي هي أيضا في القسم الجنوبي الشرقي من جزيرة العرب والأحقاف ذكرت في القرآن في سورة الأحقاف وفيها آيات تذكر ما وقع عليهم من عذاب وَاذْكُرْ أَخا عادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (٢١) وفَلَمَّا رَأَوْهُ عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ (٢٤) تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (٢٥) .
ولم نر ضرورة لإيراد ما أورده المفسرون من بيانات مسهبة أخرى لا تخلو من مبالغة وخيال لأن ذلك غير متصل بأهداف القصة. ومن جملة ذلك مثلا ما يفيد أن عادا كانوا يتكلمون باللغة العربية الفصحى مع أن هذه اللغة إنما استقرّت على شكلها قبل البعثة بمدة غير طويلة وعاد إنما كانوا ألفين أو أكثر من السنين.
ولقد تعددت رواياتهم في صدد معنى ومدى جملة وَزادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً منها أنها بمعنى زادكم من نعمه من بين خلقه. ومنها أنه زادهم على غيرهم نسبيّا في طول الأجسام وقوتها. ومنها أن قاماتهم كانت طويلة جدا حتى كان منهم من هو في مائة ذراع أو سبعين أو ستين وأقصرهم في اثنتي عشرة ذراعا.
والمتبادر أن التعبير متصل بالهدف القرآني فهو من جهة حكاية لتذكير هود قومه بنعمة الله عليهم دعما لدعوته. ومن جهة تنبيه لسامعي القرآن إلى أن من