١- إبراز كون أسس الدعوة التي دعا إليها أنبياء الله صلوات الله عليهم هي نفس الأسس التي دعا إليها سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم، نابعة من مصدر واحد وهادفة إلى هدف واحد وهي الدعوة إلى الله وحده وتقرير استحقاقه وحده للعبادة والخضوع وإيجاب نبذ كل ما سواه والتنديد بالشرك بأي شكل ونوع. والحضّ على مكارم الأخلاق والفضائل والأعمال الصالحة النافعة وتقبيح الفواحش والآثام والبغي والعدوان والصدّ عن سبيل الله.
٢- بيان اشتراك كثير من الناس في مختلف العصور في موقف الاستغراب من اختصاص الله بشرا منهم ومثلهم للرسالة الربانية وما كان من ردود الأنبياء السابقين عليهم بأن هذا ليس فيه ما يوجب الاستغراب، وأن اختصاص بعض البشر من آن لآخر واصطفائهم لحمل مهمة إرشاد البشر هو المعقول لأن ذلك أدعى إلى التفاهم معهم ومخاطبتهم بلسانهم والمصاولة والمجاولة معهم بنفس طرائقهم وأساليبهم وإيجاد القدوة منهم والأسوة فيهم.
وكأنما أريد بهذه القصة وتلك إبراز كون النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم لم يكن بدعا ولم يدع إلى بدع. وهو ما نبّهت إليه آيات خاصة في بعض المناسبات مثل آية الأحقاف هذه: قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ وَما أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٩) ومثل آية الشورى هذه: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ (١٣) .
٣- بيان المسلك المشترك بين كفّار العرب وكفار الأمم السابقة من حيث وقوف الأكثرية وبخاصة الزعماء والأغنياء موقف الإنكار والجحود والعناد والمكابرة ومن حيث اقتصار الإجابة على فئة قليلة أكثرها ضعفاء وفقراء، ومن حيث صدّ الكفار عنها وتضييقهم على المجيبين إليها وأذيتهم وتوعّدهم بالطرد