للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: "نعم"، قَالَ: بَخٍ بَخٍ (١)، فَقَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَا يَحْمِلُكَ عَلَى قَوْلِكَ بَخٍ بَخٍ؟ " قَالَ: لَا، وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا رَجَاءَةَ أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا، قَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَإِنَّكَ مِنْ أَهْلِهَا"، فَأَخْرَجَ تَمَرَاتٍ مِنْ قَرَنِهِ (٢)، فَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنْهُنَّ، ثُمَّ قَالَ: لَئِنْ أنا حَيِيتُ حَتَّى آكُلَ تَمَرَاتِي هَذِهِ، إنَّهَا لَحَيَاةٌ طَوِيلَةٌ، فَرَمَى بِمَا كَانَ مَعَهُ مِنَ التَّمْرِ، وَأَخَذَ سَيْفهُ، ثُمَّ قَاتَلَ القَوْمَ حَتَّى قُتِلَ -رضي اللَّه عنه- (٣).

قَالَ الحَافِظُ: وَفي قِصَّةِ عُمَيْرِ بنِ الحُمَامِ -رضي اللَّه عنه- مِنَ الفَوَائِدِ: مَا كَانَ الصَّحَابَةُ عَلَيْهِ مِنْ حُبِّ نَصْرِ الإِسْلَامِ، وَالرَّغْبَةِ فِي الشَّهَادَةِ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ (٤).

وَقَالَ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ: وَفِي قِصَّةِ عُمَيْرِ بنِ الحُمَامِ -رضي اللَّه عنه- جَوَازُ الِانْغِمَارِ فِي الكُفَّارِ، والتَّعَرُّضُ لِلشَّهَادَةِ، وَهُوَ جَائِزٌ بِلَا كَرَاهَة عِنْدَ جَمَاهِيرِ العُلَمَاءِ (٥).

* رَمْيُ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- المُشْرِكِينَ بِالحَصْبَاءِ وَالهُجُومُ عَلَيْهِمْ:

ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَخَذَ حَفْنَةً (٦) مِنَ الحَصْبَاءِ (٧) فَاسْتَقْبَلَ بِهَا الكُفَّارَ،


(١) بَخٍ بَخٍ: هي كلمة تُقال عند المدح والرضى بالشيء وتكرر للمبالغة. انظر النهاية (١/ ١٠١).
(٢) قال الإمام النووي في شرح مسلم (١٣/ ٤١): قَرَنه: هو بقاف وراء مفتوحتين أي جَعْبَته.
(٣) أخرج قصة عمير بن الحمام -رضي اللَّه عنه- الإمام مسلم في صحيحه - كتاب الإمارة - باب ثبوت الجنة للشهيد - رقم الحديث (١٩٠١) - والإمام أحمد في المسند - رقم الحديث (١٢٣٩٨).
(٤) انظر فتح الباري (٨/ ٩٩).
(٥) انظر صحيح مسلم بشرح النووي (١٣/ ٤١).
(٦) الحَفْنَة: هي ملء الكف. انظر النهاية (١/ ٣٩٣).
(٧) الحَصْبَاء: الحصى الصغار. انظر النهاية (١/ ٣٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>