للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَجَى (٢) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (٣) وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (٤) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} (١).

* رِوَايَةُ الشَّيْخَانِ في صَحِيحَيْهِمَا أَصَحُّ:

روَى الشَّيْخَانِ في صحِيحَيْهِمَا عَنْ جُنْدُبِ بنِ سُفْيَانَ الْبَجَلِيِّ قَالَ: اشْتَكَى رسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَلَمْ يَقُمْ لَيْلَتِيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا، فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ (٢) فَقَالَتْ: يَا مُحَمَّدُ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ شَيْطَانُكَ قَدْ تَرَكَكَ، لَمْ أَرَهُ قَرُبَكَ مُنْذُ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالضُّحَى (١) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (٢) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى. . .} (٣).

وَعَلَى هَذَا فَتَكُونُ سُورَةُ الضُّحَىُ نَزَلَتْ فِي فَتْرَةٍ أخْرَى غَيْرِ هذِهِ الفَتْرَةِ الَّتِي كَانَتْ بَعْدَ ابْتِدَاءَ الْوَحْي، فَإِنَّ تِلْكَ دَامَتْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرْتُ فِي فَتْرَةِ الوَحْي، وَأَمَّا هذِهِ فَلَمْ تَكُنْ أَكْثَرَ مِنْ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ، فاخْتَلَطَتَا وَاشْتَبَهَتَا


(١) سورة الضحى - والخبر في سيرة ابن هشام (١/ ٢٧٨).
(٢) قال الحافظ في الفتح (٣/ ٣١٣): هي أُمُّ جميلٍ العَوْرَاءُ بنتُ حَرْبٍ، وهي أُختُ أبي سُفيان بنِ حَربٍ، وامرأةُ أبي لَهَبٍ، وكانتْ هذهِ المرأةُ تَمْشِي بالنَّمِيمَةِ بينَ الناسِ، وكانت تُعَيِّرُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالفَقْرِ، ثم كانت معَ كثْرَةِ مالِهَا تَحْمِلُ الحَطَبَ على ظَهْرِهَا، لشِدَّةِ بُخْلِهَا، وكانت تَطْرَحُ الشَّوْكَ بالليلِ على طريق النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد بشَّرَها اللَّه تَعَالَى بالنارِ فقال اللَّه تَعَالَى في سورة المسد آية (٥): {. . . فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ} أي في عُنُقِهَا حبلٌ منْ نَارٍ.
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب التهجد - باب ترك القيام للمريض - رقم الحديث (١١٢٤) - وأخرجه في كتاب التفسير - باب سورة الضحى - رقم الحديث (٤٩٥٠) - ومسلم في صحيحه - كتاب الجهاد والسير - باب ما لقي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من أذى المشركين - رقم الحديث (١٧٩٧) (١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>