للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمَّا المُسْلِمُونَ فنَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، ثُمَّ لَاذُوا بِالصَّمْتِ، فَلَمْ يَتَحَدَّثْ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِنَفْيٍ أَوْ إثْبَاتٍ.

وَصَدَّقَ زُعَمَاءُ قُرَيْشٍ المُشْرِكِينَ مِنْ يَثْرِبَ، فَرَجَعُوا خَائِبِينَ (١)

* تَأَكُّدُ قُرَيْشٍ مِنْ صِحَةِ الخَبرِ وَمُلَاحَقَتُهَا المُبَايِعِينَ:

وَنَفَرَ (٢) النَّاسُ مِنْ مِنًى، فتَنَطَّسَتْ (٣) قُرَيْشٌ الخَبَرَ، فَوَجَدُوا أَنَّ الخَبَرَ صَحِيحٌ، وَالبَيْعَةُ قَدْ تَمَّتْ فِعلًا، فَخَرَجُوا فِي طَلَبِ القَوْمِ، فَأَدْرَكُوا سَعْدَ بنَ عُبَادَةَ، وَالمُنْذِرَ بنَ عَمرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَكِلَاهُمَا كَانَ نَقِيبًا، فَأَمَّا المُنْذِرُ بنُ عَمرٍو فَأَعْجَزَ القَوْمَ، وَاسْتَطَاعَ أَنْ يَفِرَّ، وَأَمَّا سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ فَأَخَذُوهُ، فَرَبَطُوا يَدَيْهِ إِلَى عُنُقِهِ، ثُمَّ أَقْبَلُوا بِهِ حَتَّى أَدْخَلُوهُ مَكَّةَ يَضْرِبُونَهُ، وَيَجْذِبُونَهُ بِشَعْرِهِ، وَكَانَ ذَا شَعْرٍ كَثِيرٍ.

قَالَ سَعْدٌ: فَوَاللَّهِ إِنِّي لَفِي أَيْدِيهِمْ إِذْ طَلَعَ عَلَيَّ نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ، فِيهِمْ رَجُلٌ وَضِيءٌ أَبْيَضُ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: إِنْ يَكُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ القَوْمِ خَيْرٌ، فَعِنْدَ هَذَا، فَلَمَّا دَنَا مِنِّي رَفَعَ يَدَهُ فَلَكَمَنِي لَكْمَةً شَدِيدَةً، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: لَا وَاللَّهِ مَا عِنْدَهُم بَعْدَ هَذَا مِنْ خَيْرٍ، قَالَ سَعدٌ: فَوَاللَّهِ إِنِّي لَفِي أَيْدِيهِم يَسْحَبُونَنِي إِذْ


(١) أخرج ذلك الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (١٥٧٩٨) - والبيهقي في دلائل النبوة (٢/ ٤٤٩) - وابن إسحاق في السيرة (٢/ ٦١) وإسناده حسن.
(٢) النَّفْرُ: التَّفَرُّق. انظر لسان العرب (١٤/ ٢٣١).
(٣) كلُّ من تَأَنَّقَ في الأمور، ودقَّق النظر فيها: فهو نَطِسٌ ومُتَنَطِّسٌ. انظر النهاية (٥/ ٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>