للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* تَوْدِيعُ النَّاسِ الجَيْشَ:

وَلَمَّا تَهَيَّأَ الجَيْشُ الإِسْلَامِيُّ لِلْخُرُوجِ وَدَّعَ النَّاسُ أُمَرَاءَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَسَلَّمُوا عَلَيْهِمْ، فَعِنْدَهَا بَكَى عَبْدُ اللَّهِ بنُ رَوَاحَةَ -رضي اللَّه عنه-، فَقَالُوا لَهُ: مَا يُبْكِيكَ يَا ابْنَ رَوَاحَةَ؟

قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ مَا بِي حُبُّ الدُّنْيَا وَلَا صَبَابَةٌ (١) بِكُمْ، وَلَكِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَقْرَأُ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، يَذْكُرُ فِيهَا النَّارَ: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا} (٢)، فَلَسْتُ أَدْرِي كَيْفَ لِي بِالصَّدْرِ (٣) بَعْدَ الوُرُود (٤).

فَقَالَ المُسْلِمُونَ: صَحِبَكُمُ اللَّهُ، وَدَفَعَ عَنْكُمْ، وَرَدَّكُمْ إِلَيْنَا صَالِحِينَ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بنُ رَوَاحة -رضي اللَّه عنه-:

لَكِنَّنِي أَسْأَلُ الرَّحْمَنَ مَغْفِرَةً ... وَضَرْبَةً ذَاتَ فَرْغٍ تَقْذِفُ الزَّبَدَا (٥)

أَوْ طَعْنَةً بِيَدِي حَرَّانَ مُجْهِزَةً (٦) ... بِحَرْبَةٍ تَنْفُذُ الأَحْشَاءَ وَالكَبِدَا


(١) الصَبَابة: بفتح الصاد: الشوق. انظر لسان العرب (٧/ ٢٧٠).
(٢) سورة مريم آية (٧١).
(٣) الصَّدَرُ: الرجوع. انظر لسان العرب (٧/ ٣٠١).
(٤) يُقال: ورد فلان: أي حضر. انظر لسان العرب (١٥/ ٢٦٨).
(٥) ضربة ذات فرغ: أي واسعة يسيل دمها. انظر لسان العرب (١٠/ ٢٤١).
الزبد: بفتح الزاي والباء رغوة الدم. انظر لسان العرب (٦/ ٩).
(٦) الحَرَّان: الفارس. انظر لسان العرب (٣/ ١٤٥).
مجهِزَة: أي سريعة القتل. انظر النهاية (١/ ٣١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>