للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ مَشَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِالنَّاسِ يَوْمَهُمْ ذَلِكَ حَتَّى أَمْسَى، وَلَيْلَتَهُمْ حَتَّى أَصْبَحَ، وَصَدْرَ (١) يَوْمَهُمْ ذَلِكَ حَتَّى آذَتْهُمُ الشَّمْسُ، ثُمَّ نَزَلَ بِالنَّاسِ، فَلَمْ يَلْبَثُوا أَنْ وَجَدُوا مَسَّ الأَرْضِ، فَوَقَعُوا نِيَامًا.

وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لِيَشْغَلَ النَّاسَ عَنِ الحَدِيثِ الذِي كَانَ بِالأَمْسِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بنِ أُبَيٍّ (٢).

وَبِهَذَا التَّصَرُّفِ البَالِغِ الغَايَةَ فِي السِّيَاسَةِ الرَّشيدَةِ قَضَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَلَى الفِتْنَةِ قَضَاءً مُبْرَمًا، وَلَمْ يَدَعْ مَجَالًا لِلْحَدِيثِ فِيمَا قَالَ ابْنُ أُبَيٍّ (٣).

* نُزُولُ سُورَةِ المُنَافِقُونَ:

قَالَ زَيْدُ بنُ أَرْقَمٍ -رضي اللَّه عنه-: فَبَيْنَمَا أَنَا أَسِيرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَدْ خَفَقْتُ (٤) بِرَأْسِي مِنَ الهَمِّ، إِذْ أَتَانِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَعَرَكَ (٥) أُذُنِي وَضَحِكَ فِي وَجْهِي، فَمَا كَانَ يَسُرُّنِي أَنَّ لِيَ بِهَا الخُلْدَ فِي الدُّنْيَا، ثُمَّ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ -رضي اللَّه عنه- لَحِقَنِي، فَقَالَ: مَا قَالَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-؟

قُلْتُ: مَا قَالَ لِيَ شَيْئًا، إِلَّا أَنَّهُ عَرَكَ أُذُنِي، وَضَحِكَ فِي وَجْهِي.

فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ -رضي اللَّه عنه-: أَبْشِرْ، ثُمَّ لَحِقَنِي عُمَرُ -رضي اللَّه عنه-، فَقُلْتُ لَهُ مِثْلَ قَوْلي لِأَبِي


(١) صَدْرَ كل شيء: أوَّلُه. انظر لسان العرب (٧/ ٢٩٩).
(٢) انظر سيرة ابن هشام (٣/ ٣١٩ - ٣٢٠) - دلائل النبوة للبيهقي (٤/ ٥٣).
(٣) انظر كتاب السِّيرة النَّبوِيَّة (٢/ ٢٥٥) للدكتور محمَّد أبو شهبة رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
(٤) يُقالُ: خفَقَ فلانًا خَفْقَة: إذا نامَ نومَةً خَفِيفة. انظر لسان العرب (٤/ ١٥٧).
(٥) عَرَكَ: دَلك. انظر لسان العرب (٩/ ١٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>