للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولَمْ أسْجُذ مَعَهُمْ -وَهُوَ يَوْمَئِذٍ مُشْرِكٌ- فَلا أدَعُ السُّجُودَ فِيهَا أبَدًا (١).

قَالَ الإِمَامُ السِّنْدِيُّ في شَرحِ المُسْنَدِ: قَوْله -رضي اللَّه عنه-: فَلا أَدَعُ السُّجُودَ فِيهَا أبَدًا: تَقْرِيعٌ عَلَى فَوْتهِ في ذَلِكَ اليَوْمِ، أيْ حَيْثُ فاتَنِي في ذَلِكَ اليَوْمِ، فَكَيْفَ أتْرُكُ بَعْدَهُ، بلْ ألْتَزِمُ بَعْدُ جَبْرًا لِمَا فَاتَ (٢).

* قِصَّةُ الغَرانِيقِ (٣):

ذَكَرَ بَعْضُ المُؤَرِّخِينَ قِصَّةً باطِلَةً مُخْتَلَقَةً تُعْرَفُ بِاسْمِ "قِصَّةِ الغَرَانِيقِ"، وهِيَ قِصَّةٌ افْتَرَاهَا بَعْضُ الزَّنادِقَةِ، وزَعَمُوا فِيهَا أَنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- تَقَرَّبَ إِلَى المُشْرِكِينَ بِمَدْحِ أصْنَامِهِمْ، وأنَّهُ قَالَ عَنْها بَعْدَ أَنْ تَلا قَوْلَهُ تَعَالَى {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (١٩) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} (٤) قَالَ: "تِلْكَ الغَرانِيقُ العُلَى، وَإِنَّ شَفَاعَتَهُنَّ لَتُرْتَجَى"، وزَعَمُوا أَنَّ المُشْرِكِينَ أعْلَنُوا رِضَاهُمْ عَمَّا تَلا النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَسَجَدُوا مَعَهُ حِينَ سَجَدَ (٥).

واسْتِنادًا إِلَى القُرْآنِ والسُّنَّةِ فَإِنَّ القِصَّةَ باطِلَةٌ ومَوْضُوعَةٌ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:


(١) أخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (١٥٤٦٤) - والحاكم في المستدرك - كتاب معرفة الصحابة - باب ذكر المطلب بن أبي وَداعة -رضي اللَّه عنه- رقم الحديث (٦٧٢٢) - وأورده الحافظ في الإصابة (٦/ ١٠٤) - وصحح إسناده.
(٢) انظر شرح السندي لمسند الإمام أحمد (٨/ ٣٢٣).
(٣) الغَرَانِيقُ: هاهُنَا الأصنَامُ، وهي في الأصلِ الذُّكُورُ منْ طُيُورِ الماءِ، واحدها: غُرنُوقٌ سُمِّي به لِبَيَاضِهِ. انظر النهاية (٣/ ٣٢٧).
(٤) سورة النجم آية (١٩ - ٢٠).
(٥) انظر الطبَّقَات الكُبْرى (١/ ٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>