للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} (١).

* تَهَكُّمُ (٢) العَاصِ بنِ وَائِلٍ (٣) بِرَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-:

أَمَّا العَاصُ بنُ وَائِلٍ فَإِنَّهُ كَانَ أَيْضًا مِنْ أشَدِّ النَّاسِ عَدَاوَة لِلرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَلَمَّا مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بنُ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قَالَ العَاصُ بنُ وَائِلٍ السَّهْمِيُّ: لقدِ انْقَطَعَ نَسْلُهُ، وَكَانَ إِذَا ذُكِرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ: دَعُوهُ، فإنَّمَا هُوَ رَجُلٌ أبْتَرُ لا عَقِبَ لَهُ، لَوْ قَدْ مَاتَ لانْقَطَعَ ذِكْرُهُ (٤) واسْتَرَحْتُمْ مِنْهُ.


(١) سورة الزخرف آية (٣١ - ٣٢) - وانظر الخبر في سيرة ابن هشام (١/ ٣٩٨) - البداية والنهاية (٣/ ٩٧) - الرَّوْض الأُنُف (٢/ ١٤٧) - سبل الهدى والرشاد (٢/ ٤٦٧).
(٢) التهكم: التكبر. انظر لسان العرب (١٥/ ١١١).
(٣) قال الحافظ في الفتح (٩/ ٣٥٦): هوَ العَاصُ بنُ وَائِلٍ السَّهْمِيُّ، وهوَ والِدُ عَمْرِو بنِ العَاصِ -رضي اللَّه عنه- الصَّحابِيُّ المَشْهُورُ، وَكَانَ لهُ قَدْر في الجَاهِلِيَّةِ، ولم يُوَفَّقْ للإسلامِ، وَكَانَ مَوْتُهُ بمَكَّةَ قبلَ الهِجْرَةِ، وهوَ أحَدُ المُسْتَهْزِئِينَ.
قال عبدُ اللَّه بنُ عمرِو بنِ العَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: سمِعْتُ أَبِي يقولُ: عاشَ أَبِي خَمْسًا وثَمَانِينَ سَنَة، وإنه ليَرْكَبُ حِمَارًا إلى الطائِفِ فيَمْشِي عنْهُ أكثَرَ مِمَّا يَرْكَبُ، ويُقَالُ: إِنَّ حِمَارَهُ رَمَاهُ على شَوْكَةٍ أصَابَتْ رِجْلَهُ، فانتفَخَتْ فمَاتَ مِنْهَا.
(٤) قال الحافظ ابن كثير في تفسيره (٨/ ٥٠٥): حاشَا وكَلَّا، بلْ قدْ أبقَى اللَّهُ ذِكْرَهُ على رُؤُوسِ الأشْهَادِ، وأوجَبَ شَرْعهُ على رِقَابِ العِبادِ، مُسْتَمِرًّا على دَوَامِ الآبَادِ، إلى يَوْمِ الحَشْرِ والمَعَادِ، صلواتُ اللَّه وسلامُهُ عليهِ دَائِمًا إلى يَوْمِ التَّنَادِ.
وقال حَسَّان بن ثابت -رضي اللَّه عنه-:
أغَرٌّ عليهِ لِلنُّبُوَّةِ خَاتَمٌ ... منَ اللَّهِ مشْهُودٌ يلُوحُ ويَشْهَدُ
وضَمَّ الإلَه اسْمَ النَّبِيِّ إِلَى اسْمِهِ ... إِذَا قَالَ في الخَمْسِ المُؤَذِّنُ أشْهَدُ
وشَقَّ له مِنِ اسْمِهِ لِيُجِلَّهُ ... فَذُو العَرْشِ مَحْمُودٌ وهَذَا مُحَمَّدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>