للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* مِنْ فَضَائِلِ سَهْلِ بنِ حُنَيْفٍ (١) -رضي اللَّه عنه-:

وَقَدْ لَاحَظَ سَيِّدُنَا عَلِيٌّ -رضي اللَّه عنه- مُدَّةَ إِقَامَتِهِ بِقُبَاءَ امْرَأَةً مُسْلِمَةً لَا زَوْجَ لَهَا، وَرَأَى إِنْسَانًا يَأْتيهَا مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ، فَيَضْرِبُ عَلَيْهَا بَابَهَا، فتَخْرُجُ إِلَيْهِ فَيُعْطِيهَا شَيْئًا مَعَهُ، فَتَأْخُذُهُ، قَالَ عَلِيٌّ -رضي اللَّه عنه-: فَاسْترَبْتُ (٢) بِشَأْنِهِ، فَقُلْتُ لَهَا: يَا أَمَةَ اللَّهِ! مَنْ هَذَا الرَّجُلُ الذِي يَضْرِبُ عَلَيْكِ بَابَكِ كُلَّ لَيْلَةٍ، فتَخْرُجِينَ إِلَيْهِ فيعْطِيكِ شَيْئًا لَا أَدْرِي مَا هُوَ، وَأَنْتِ امْرَأَةٌ مُسْلِمَةٌ لَا زَوْجَ لَكِ؟

قَالَتْ: هَذَا سَهْلُ بنُ حُنَيْفِ بنِ وَاهِبٍ، قَدْ عَرَفَ أَنِّي امْرَأَةٌ لَا أَحَدَ لِي، فَإِذَا أَمْسَى عَدَا عَلَى أَوْثَانِ قَوْمِهِ فكسَرَهَا، ثُمَّ جَاءَنِي بِهَا، فَقَالَ: احْتَطِبِي بِهَذَا، فَكَانَ عَلِيٌّ -رضي اللَّه عنه- يَأْثِرُ (٣) ذَلِكَ مِنْ أَمْرِ سَهْلِ بنِ حُنَيْفٍ -رضي اللَّه عنه-، حِينَ هَلَكَ عِنْدَهُ بِالعِرَاقِ (٤).

وَقَدْ كَانَ لَا يَزَالُ بِالمَدِينَةِ مَقْدَمَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَوْثَانٌ يَعْبُدُهَا رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ المَدِينَةِ، فَأَقْبَلَ قَوْمُهُمْ عَلَى تِلْكَ الأَوْثَانِ فَهَدَمُوهَا.


(١) هو سَهْلُ بن حُيفٍ الأوسي الأنصاري، من السابقين، شَهِد بدرًا وثبت يوم أُحد حين انكشفَ الناس، وبايعَ يومئذ على الموت، وكان ينفحُ عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالنَّبْلِ، وشهد أيضًا الخندق، والمشاهد كلها، واستخلفَهُ علي -رضي اللَّه عنه- على البصرة بعد معركةِ الجَمَل، ثم شهد معه صِفِّين.
توفي -رضي اللَّه عنه- بالكوفة سنة ثمان وثلاثين، وصلى عليه عليّ -رضي اللَّه عنه-. انظر أسد الغابة (٢/ ٣٨٨).
(٢) استرَبْتُ: أي شَكَكْتُ بشأنِهِ. انظر النهاية (٢/ ٢٦٠).
(٣) يأثِر ذلك: أي يَرْوِي ويحكي عنه ذلك. انظر النهاية (١/ ٢٦).
(٤) انظر سيرة ابن هشام (٢/ ١٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>