للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثَانِيًا: المُؤَاخَاةُ (١) بَيْنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ

العَمَلُ الثَّانِي الذِي قَامَ بِهِ الرَّسُولُ -صلى اللَّه عليه وسلم- بَعْدَ بِنَائِهِ المَسْجِدَ هُوَ عَقْدُ المُؤَاخَاةِ بَيْنَ المُهَاجِرِينَ والأنْصَارِ، وذَلِكَ أَنَّ المُهَاجِرِينَ لَمَّا قَدِمُوا المَدِينَةَ لَمْ يَكُنْ بِأَيْدِيهِمْ شَيْءٌ، لِأَنَّهُمْ ترَكُوا أمْوَالَهُمْ خَلْفَهُمْ، فَأَرَادَ الرَّسُولُ -صلى اللَّه عليه وسلم- حَلَّ هَذِهِ الأَزْمَةِ المَادِّيَّةِ التِي اجْتَاحَتِ المُهَاجِرِينَ.

وعُقِدَتِ المُؤَاخَاةُ في دَارِ أنَسِ بنِ مَالِكٍ -رضي اللَّه عنه- (٢).


(١) قال الشيخ محمد الغزالي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى في فقه السيرة ص ١٧٩: ومعنى هذا الإخَاء أن تَذُوب عَصَبِيَّات الجاهلية، فلا حَمِيَّة إِلَّا للإسلام.
وقال الشيخ أبو الحسن النَّدْوي في كتابه السِّيرة النَّبوِيَّة ص ١٩٨: وكان هذا الإخاءُ أساسًا لإِخَاءٍ إسلامي عالَمِي فريدٍ من نوعه، ومقدمةً لنَهْضَة أمةٍ ذات دَعوة ورسالة، تنطلق لصِيَاغة عالمٍ جديد، قائِمٍ على عقائِدَ صحيحة معينة، وأهدافٍ صالحة مُنْقِذَةٍ للعالم من الشَّقاء والتَّنَاحُر والانتحار، وعلى علاقات جديدة من الإيمان والإخَاء المعنوي والعمل المشترك، وكان هذا الإخاء المَحْدُود بين المهاجرين والأَنْصار طَلِيعَةً وشَرِيطَةً لاستئناف حياةٍ جديدة للعالم والإنسانية.
(٢) أخرجه الإمام البخاري في صحيحه - كتاب الكفالة - باب قوله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} - رقم الحديث (٢٢٩٤) - وأخرجه في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة - باب ما ذَكَر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. . . - رقم الحديث (٧٣٤٠) - وأخرجه مسلم في صحيحه - كتاب فضائل الصحابة - باب مؤاخاة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بين أصحابه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - رقم الحديث (٢٥٢٩) (٢٠٤) (٢٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>