للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انْهَزَمْتُمْ لَفِئْتُمْ إِلَيْنَا، فَلَا تَذْهَبُوا بِالغُنْمِ وَنَبْقَى، فَأَبَى الفِتْيَانُ، وَقَالُوا: جَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لَنَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ. . .} إلى قوله تَعَالَى: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ} (١).

* سَبَبٌ آخَرُ:

وَوَرَدَ سَبَبٌ آخَرُ فِي نُزُولِ آيَةِ الأنْفَال وَهُوَ مَا أخْرَجَهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ لِغَيْرِهِ عَنْ سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ -رضي اللَّه عنه- أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ، قُتِلَ أَخِي عُمَيْرٌ، وَقَتَلْتُ سَعِيدَ بنَ العَاصِ (٢) وَأَخَذْتُ سَيْفَهُ، وَكَانَ يُسَمَّى ذَا الكَتِيفَةِ، فَأتَيْتُ بِهِ نَبِيَّ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَالَ: "اذْهَبْ فَاطْرَحْهُ فِي القَبَضِ" (٣).

قَالَ: فَرَجَعْتُ، وَبِي مَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ مِنْ قتلِ أَخِي، وَأَخْذِ سَلَبِي، قَالَ: فَمَا جَاوَزْتُ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى نَزَلَتْ سُورَةُ الأَنْفَالِ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-


= ومنه قوله تعالى في سورة القصص آية (٣٤) على لسان موسى عليه السلام: {وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ}.
(١) سورة الأنفال آية (١) - والحديث أخرجه ابن حبان في صحيحه - كتاب الصلح - باب وأصلحوا ذات بينكم - رقم الحديث (٥٠٩٣) - وأخرجه أبو داود في سننه - كتاب الجهاد - باب في النفل - رقم الحديث (٢٧٣٧) - وأورده ابن الأثير في جامع الأصول (٨/ ٢٠٦).
(٢) قوله -رضي اللَّه عنه-: سعيد بن العاص وَهْم، والصحيح العاص بن سعيد، وقد ذكرنا ذلك فيما مضى.
(٣) القَبَضُ: بالتحريك بمعنى المَقْبُوض، وهو ما جُمع من الغنيمة قبل أن تُقسم. انظر النهاية (٤/ ٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>