للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - وَفِيهِ جَوَازُ سَفَرِ الرَّجُلِ وَحْدَهُ، وَأَنَّ النَّهْيَ عَنِ السَّفَرِ وَحْدَهُ إِنَّمَا هُوَ حَيْثُ لَا تَدْعُو الْحَاجَةُ إِلَى ذَلِكَ (١).

* السَّعْدَانِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَتَأَكَّدَانِ أَكثَرَ مِنْ خَبَرِ بَنِي قُرَيْظَةَ:

ثُمَّ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- السَّعْدَانِ: سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ، سَيِّدَ الْأَوْسِ، وَسَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ، سَيِّدَ الْخَزْرَجِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَمَعَهُمَا: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، وَخَوَّاتُ بْنُ جُبَيْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَقَالَ لَهُمْ: "انْطَلِقُوا حَتَّى تَنْظُرُوا أَحَقّ مَا بَلَغَنَا عَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ أَمْ لَا؟ فَإِنْ كَانَ حَقًّا فَالْحِنُوا لِي لَحْنًا (٢) أَعْرِفُهُ، وَلَا تَفُتُّوا (٣) فِي أَعْضَاءِ النَّاسِ، وَإِنْ كَانُوا عَلَى الْوَفَاءِ فِيمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ فَاجْهَرُوا بِهِ لِلنَّاسِ".

فَخَرَجُوا حَتَّى أَتَوْهُمْ، فَوَجَدُوهُمْ عَلَى أَخْبَثِ مَا بَلَغَهُمْ عَنْهُمْ، وَنَالُوا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَقَالُوا: لَا عَهْدَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مُحَمَّدٍ وَلَا عَقْدَ، فَدَعَوْهُمْ إِلَى الْمُوَادَعَةِ وَتَجْدِيدِ الْحِلْفِ، فَقَالُوا: الْآنَ وَقَدْ كُسِرَ جَنَاحُنَا -يُرِيدُونَ بِجَنَاحِهِمْ الْمَكْسُورَةِ بَنِي النَّضِيرِ- فَشَاتَمَهُمْ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ -رضي اللَّه عنه-، فَقَالَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ: دَعْ عَنْكَ مُشَاتَمَتَهُمْ فَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ أَرْبَى (٤) مِنَ الْمُشَاتَمَةِ، ثُمَّ أَقْبَلَ


(١) انظر فتح الباري (٦/ ١٤٠).
(٢) قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَالْحَنَا لِي لَحَنًا": يعني أشِيرا إليَّ ولا تُفْصِحَا، وعَرِّضا بما رأيتُما، أمرَهما بذلك؛ لأنَّهما ربما أخبَرَا عن العدو بِبَأْسٍ وقُوة، فأحب ألا يقف عليه المسلمون. انظر النهاية (٤/ ٢٠٨).
(٣) يُقال: كَلَّمَهُ بشيء فَفَتَّ في سَاعِدِهِ: أي أضعفَهُ وأَوْهَنَهُ. انظر لسان العرب (١٠/ ١٧٠).
(٤) أَرْبَى: أي أَكْبَرُ وأَزْيَدُ. انظر لسان العرب (٥/ ١٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>