للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الحَرْبِ ثُمَّ يَنْثُرُ كِنَانَتَهُ، وَيَقُولُ: وَجْهِي لِوَجْهِكَ الوِقَاءُ، وَنَفْسِي لِنَفْسِكَ الفِدَاءُ (١).

* مُخَيْرِيقٌ (٢) خَيْرُ يَهُودٍ:

مِمَّنْ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ رَجُلٌ اسْمُهُ مُخَيْرِيقُ، وَهُوَ مِنْ عُلَمَاءِ يَهُودٍ، فَإِنَّهُ يَوْمَ أُحُدٍ ذَهَبَ إِلَى يَهُودٍ، وَقَالَ لَهُمْ: يَا مَعْشَرَ يَهُودٍ، وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ نَصْرَ مُحَمَّدٍ عَلَيْكُمْ لَحَقٌّ، قَالُوا: إِنَّ اليَوْمَ يَوْمُ السَّبْتِ، قَالَ: لَا سَبْتَ لَكُمْ، فَأَخَذَ سَيْفَهُ وَعُدَّتَهُ، وَقَالَ: إِنْ أُصِبْتُ فَمَالِي لِمُحَمَّدٍ، يَصْنَعُ فِيهِ مَا يَشَاءُ، ثُمَّ غَدَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَاتَلَ مَعَهُ حَتَّى قُتِلَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مُخَيْرِيقٌ خَيْرُ يَهُودٍ" (٣).

وَكَانَ مُخَيْرِيقٌ أَوْصَى بِأَمْوَالِهِ إِلَى رَسُولِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَدْ رَوَى عُمَرُ بنُ شَبَّةَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَوْنٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كَانَتْ صَدَقَةُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِالمَدِينَةِ أَمْوَالًا لِمُخَيْرِيقَ، وَكَانَ يَهُودِيًّا مِنْ بَقَايَا بَنِي قَيْنُقَاعَ، نَازِلًا بِبَنِي النَّضِيرِ، فَشَهِدَ أُحُدًا فَقُتِلَ فِيهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مُخَيْرِيقٌ سَابِقُ يَهُودٍ"، وَأَوْصَى


= ومنه قوله تَعَالَى في سورة الجاثية آية (٢٨): {وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً}.
قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرِ في تفسيره (٧/ ٢٧١): أي علي رُكَبِها من الشدة والعظمة.
(١) أخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (١٣٧٤٥) - والحديث صحيح.
(٢) قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ (٦/ ٣٢٣): مُخَيْرِيق: بضم الميم، مصغرًا.
(٣) انظر سيرة ابن هشام (٣/ ٩٩) - الإصابة (٦/ ٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>