للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُطَّلِبِ! هَذِهِ وَاللَّهِ السَّوْأَةُ، خُذُوا عَلَى يَدَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ عَلَى يَدَيْهِ غَيْرُكُمْ، فَإِنْ أَسْلَمْتُمُوهُ حِينَئِذٍ ذَلَلْتُمْ، وَإِنْ مَنَعْتُمُوهُ قُتِلْتُمْ.

فَقَالَتْ صَفِيَّةُ عَمَّةُ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِأَبِي طَالِبٍ: أيْ أُخَيَّ! أيَحْسُنُ بِكَ خُذْلَانُ ابْنِ أَخِيكَ؟ فَوَاللَّهِ مَا زَالَ العُلَمَاءُ يُخْبِرُونَ أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ عَبْدِ المُطَّلِبِ نَبِيٌّ فَهُوَ هُوَ.

فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ: هَذَا وَاللَّهِ البَاطِلُ وَالْأَمَانِيُّ، وكَلَامُ النِّسَاءِ فِي الحِجَالِ (١)، إِذَا قَامَتْ بُطُونُ قُرَيْشٍ، وقَامَتْ مَعَهَا العَرَبُ فَمَا قُوَّتُنَا بِهِمْ؟ فَوَاللَّهِ مَا نَحْنُ عِنْدَهُمْ إِلَّا أَكْلَةُ رَأْسٍ (٢)، فَقَالَ أَبُو طَالبٍ: واللَّهِ لَنَمْنَعَنَّهُ مَا بَقِينَا (٣).

* الدَّعْوَةُ عَلَى جَبَلِ الصَّفَا (٤):

بَعْدَمَا تَأَكَّدَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنْ تَعَهُّدِ عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ بِحِمَايَتِهِ، أخَذَ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُفَكِّرُ فِي وَسِيلَةٍ جَدِيدَةٍ يُبَلِّغُ فِيهَا قَوْمَهُ رِسَالَةَ رَبِّهِ، فَصَعِدَ -صلى اللَّه عليه وسلم- جَبَلَ الصَّفَا ذَاتَ يَوْمٍ


(١) الحَجَلَةُ: بَيْتٌ كالقُبَّةِ يُسْتَرُ بالثِّيَابِ، وتُجمَعُ على حِجَالٍ. انظر النهاية (١/ ٣٣٤).
(٢) ما هُمْ إلا أكَلَةُ رَأْسٍ: أي قَلِيلٍ، قدر ما يُشْبعهُم رأسٌ واحِدٌ. انظر لسان العرب (١/ ١٧١).
(٣) انظر الكامل في التاريخ (١/ ٦٦٠)، وسبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد (٢/ ٣٢٢).
(٤) الصَّفَا والمَرْوَةُ: هُمَا جبلانِ بينَ بَطْحَاء مكة والمسجد، أما الصَّفا فمكان مُرْتَفِعٌ من جبلِ أَبِي قُبَيْسٍ بينهُ وبين المسجِدِ الحرام عَرْضُ الوادِي، ومن وَقَفَ على الصَّفا كان بِحِذَاءَ الحَجَرِ الأسوَدِ. انظر معجم البلدان (٥/ ١٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>