للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طَالِبٍ قَوْلًا رَفِيقًا، ورَدَّهُمْ رَدًّا جَمِيلًا، فانْصَرَفُوا عَنْهُ (١).

* مَوْقِفُ الوَلِيدِ بنِ المُغِيرَةِ:

روَى الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ بِسَنَدٍ صحِيحٍ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ الوَليدَ بنَ المُغِيرَةِ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ، فكَأنَّهُ رَقَّ لَهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ أبَا جَهْلٍ، فأتاهُ فقَالَ: يَا عَمُّ! إِنَّ قَوْمَكَ يَرَوْنَ أَنْ يَجْمَعُوا لكَ مَالًا، قَالَ: لِمَ؟ قَالَ: لِيُعْطُوكَهُ، فَإِنَّكَ أتَيْتَ مُحَمَّدًا، قَالَ: قَدْ عَلِمَتْ قُرَيْشٌ أنِّي مِنْ أكْثَرِهَا مَالًا، قَالَ: فَقُلْ فِيهِ قَوْلًا يَبْلُغُ قَوْمَكَ أنَّكَ مُنْكِرٌ لَهُ، أَوْ أنَّكَ كَارِهٌ لهُ، قَالَ: ومَاذَا أقُولُ؟ فَوَاللَّهِ ما فِيكُمْ رَجُلٌ أعْلَمَ بِالأشْعَارِ مِنِّي، ولا أعْلَمَ بِرَجَزِهِ، ولَا بِقَصِيدِهِ مِنِّي، ولا بأشْعَارِ الجِنِّ، واللَّهِ مَا يُشْبِهُ الذِي يقُولُ شَيْئًا منْ هَذَا، ووَاللَّهِ إِنَّ لِقَوْلهِ الذِي يَقُولُ حَلَاوَةٌ، وإنَّ عَلَيْهِ لَطَلَاوَةٌ (٢)، وإنَّهُ لَمُثْمِرٌ أعْلَاهُ، مُغْدِقٌ (٣) أسْفَلُهُ، وإنَّهُ لَيَعْلُو ومَا يُعَلَى، وإنَّهُ لَيَحْطِمُ ما تَحْتَهُ، قَالَ: لا يَرْضَى عَنْكَ قَوْمُكَ حتَّى تقُولَ فيهِ، قَالَ: فَدَعْنِي حتَّى أُفكِّرَ، فلَمَّا فكَّرَ قَالَ: هذَا سِحْرٌ يُؤْثَرُ، يَأْثُرُهُ (٤) عَنْ غَيْرِهِ (٥).


(١) انظر سيرة ابن هشام (١/ ٣٠١ - ٣٠٢).
(٢) الطَّلاوَةُ: أي رَوْنَقًا وحُسْنًا. انظر النهاية (٣/ ١٢٥).
(٣) الغَدَقُ: المَطَرُ الكَثِيرُ. انظر لسان العرب (١٠/ ٢٤).
ومنه قوله تَعَالَى في سورة الجن آية (١٦): {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا}. -وأراد الوليد: أن القرآن نَدِيٌّ وطَرِيٌّ.
(٤) يُؤْثَرُ: أي يُرْوَي ويُحْكَى عنه. انظر النهاية (١/ ٢٦).
(٥) أخرجه الحاكم في المستدرك - كتاب التفسير - باب مدح كلام اللَّه تَعَالَى من لسان الكافر - رقم الحديث (٣٩٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>