للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زَوَاجُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنْ خَدِيجَةَ (١) رَضِيَ اللَّه عَنْهَا

كَانَتْ خَدِيجَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تُسَمَّى سَيِّدَةَ نِسَاءِ قُرَيْشٍ، وتُسَمَّى الطَّاهِرَةَ وذَلِكَ لِشِدَّةِ عَفَافِهَا، وكانَتْ نَقِيَّةً ذَاتَ عَقْلٍ وَاسِعٍ، وَحَسَبٍ، ومَالٍ.

لَمَّا سَمِعَتْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بِعَظِيمِ أمَانَةِ الرسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وحُسْنِ أخْلاقِهِ،


(١) قال الحافظ في الفتح (٧/ ٥١٢): خَدِيجةُ سيِّدةُ نِسَاءِ العالمين في زَمَانها أم القاسم القرشية الأسدية، وهي ممن كَمُل من النِّساء، وكانت عاقِلَةً جَلِيلةً دَيّنة مصونةً كَرِيمَةً: من أهل الجنة، وكان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يُثنِي عليها، ويُفَضِّلُهَا على سائر أمَّهَات المؤمنين، ويُبَالِغُ في تَعْظِيمِهَا، وهي أوَّل مَنْ تزوَّجها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهي بنتُ خُويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي، تجتمعُ مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في قُصَيٍّ، وهي مِنْ أقرب نِسَائِهِ إليه في النَّسَبِ، ولم يتزوَّج من ذُرِّيَّةِ قُصي غيرها إلا أُمَّ حَبِيبَة، وكانت تُسَمى في الجاهلية الطَّاهرة، وقد تزَّوجها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قبلَ البِعْثَةِ بخمسَ عشْرَةَ سَنَة، وكانت مُوسِرَة، وولدت من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أولادَهُ كُلهم، إلا إبراهيم.
وكانت أوَّل من آمنَ باللَّه ورسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- وصَدَّق بما جاء به، فخَفَّفَ اللَّه بذلك عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فكان لا يَسْمع شيئًا يَكْرَهُهُ منَ الرَّدِّ عليه، فيرجع إليها إلا ثَبَّتَتْه وتُهَوِّن عليه أمْرَ الناس، وقد تقدَّم في أبواب بدءِ الوحْيِ بيان تَصْدِيقها للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في أوَّل وهْلَةٍ، ومن ثباتها في الأمر ما يدل علي قوة يَقِينِها، ووفُورِ عَقْلِها، وصِحَّة عَزْمِها، لا جَرَم كانت أفضل نسائه على الراجح، روى الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- قال: أتى جبريل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: يا رسول اللَّه هذه خديجة قد أتَتْ معها إنَاء فيه إدَام، أو طعَام، أو شَرَاب، فإذا هي أتَتْكَ، فاقرأ عليها السلام من ربِّهَا، ومِنِّي، وبَشِّرْهَا ببيْتٍ في الجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ لا صَخَبَ فيهِ ولا نَصَبَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>