تَعْذِيبُ قُرَيْشٍ لِلْمُسْلِمِينَ
مَضَى رسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَدْعُو إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، ويَئِسَتْ قُرَيْشٌ مِنْهُ، وأدْرَكَتْ ألَّا جَدْوَى مِنْ تِلْكَ الأَسَالِيبِ التِي سَلَكَتْهَا مَعَهُ في كَفِّ الدَّعْوَةِ الإِسْلَامِيَّةِ والقَضَاءِ علَيْهَا، فاجْتَمَعَ رُؤُوسُ المُشْرِكِينَ وقَرَّرُوا اللُّجُوءَ إِلَى العُنْفِ، والقُوَّةِ في مُحَارَبَةِ الإِسْلَامِ والمُنْتَمِينَ إِلَيْهِ، وأصْدَرُوا أوَامِرَهُمْ إِلَى القَبَائِلِ لِيَصُبُّوا العَذَابَ والْأَذَى عَلَى كُلِّ مَنِ اتَّبَعَ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-.
قَالَ ابنُ إسْحَاقَ: فَوَثَبَتْ كُلُّ قَبِيلَةٍ عَلَى مَنْ فِيهَا مِنَ المُسْلِمِينَ، فَجَعَلُوا يَحْبِسُونَهُمْ، ويُعَذِّبُونَهُمْ بالضَّرْبِ، والجُوعِ، والعَطَشِ، وبِرَمْضَاءِ مَكَّةَ إِذَا اشْتَدَّ الحَرُّ (١).
فكَانَتْ فِتْنَةً شَدِيدَةَ الزِّلْزَالِ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ رسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنْ أَهْلِ الإِسْلامِ، فَافْتُتِنَ مَنِ افْتُتِنَ، وعَصَمَ اللَّهُ مِنْهُمْ مَنْ شَاءَ، ومَنَعَ اللَّهُ رَسُولَهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنْهُمْ بِعَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ.
قَالَ ابنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: . . . فحَمَى اللَّهُ رَسُولَهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِعَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ؛ لِأَنَّهُ كَانَ شَرِيفًا مُعَظَّمًا في قُرَيْشٍ، مُطَاعًا في أهْلِهِ، وأَهْلُ مَكَّةَ لا يَتَجَاسَرُونَ عَلَى
(١) انظر سيرة ابن هشام (١/ ٣٥٤).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute