للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ زَيْدٌ -رضي اللَّه عنه-: فَجَاءَ سَعْدٌ، فَأَخَذَ بِيَدِي، فَانْطَلَقَ بِي، فَقَالَ: هَذَا حَدَّثَنِي، فَانْتَهَرَنِي (١) عَبْدُ اللَّهِ بنُ أُبَيِّ بنِ سَلولٍ، فَأَجْهَشْتُ (٢) إلى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَبَكَيْتُ، فَقُلْتُ: وَالذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ النُّبُوَّةَ، لَقَدْ قَالَ.

قَالَ زَيْدٌ -رضي اللَّه عنه-: فَلَامَنِي قَوْمِي، وَقَالُوا: مَا أَرَدْتَ إِلَى هَذَا؟

قَالَ: فَأَصَابَنِي هَمٌّ لَمْ يُصِبْنِي مِثْلُهُ قَطٌّ، وَجَلَسْتُ في بَيْتِي (٣)، وَقَالَ عَمِّي: مَا أَرَدْتَ إلى أَنْ كَذَّبَكَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَمَقَتَكَ (٤).

* تَصَرُّفُ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم-:

ثُمَّ تَصَرَّفَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- في هَذَا الحَادِثِ تَصَرُّفَ القَائِدِ المُلْهَمِ الحَكِيمِ. . وَأَمَرَ بِالسَّيْرِ في غَيْرِ أَوَانٍ، وَمُتَابَعَةَ السَّيْرِ حَتَّى الإِعْيَاءِ، لِيَصْرِفَ


(١) نهَرَهُ: زَجَرَهُ. انظر لسان العرب (١٤/ ٣٠٤).
(٢) الجَهْشُ: أن يفزَع الإنسان إلى الإنسان ويلجَأَ إليه، وهو مع ذلك يُريد البكاء، كما يَفْزَعُ الصبي إلى أمه وأبيه. انظر النهاية (١/ ٣١٠).
(٣) قلتُ: ربما يفهم من قول زيد: "وجلستُ في بيتي" بيته في المدينة، والصحيح أن المقصود بها مكان رحل الرجل.
وفي رواية النسائي في السنن الكبرى - رقم الحديث (١١٥٣٠) - قال زيد: وجلسْتُ في البيت مخَافَةَ إذا رآني النَّاس أن يقولوا: كَذَبْتَ.
(٤) المَقْتُ: أشدُّ البُغْضِ. انظر النهاية (٤/ ٢٩٥).
وأخرج ذلك البخاري في صحيحه - كتاب التفسير - باب اتخذوا أيمانهم جنة - رقم الحديث (٤٩٠١) (٤٩٠٤) - وأخرجه مسلم في صحيحه - كتاب صفات المنافقين وأحكامهم - رقم الحديث (٢٧٧٢) - وأخرجه الإِمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (١٩٢٨٥) - (١٩٣٣٣) - (١٩٣٣٤) - وأخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار - رقم الحديث (٥٨٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>