للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* مُشَاوَرَةُ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أصْحَابَهُ (١):

وَبَلَغَ خَبَرُ خُرُوجِ قُرَيْشٍ لِيَمْنَعُوا عِيرَهُمْ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَكَانَ لَا يَزَالُ -صلى اللَّه عليه وسلم- في الطَّرِيقِ بِوَادِي ذِفْرَانَ (٢)، فَعِنْدَ ذَلِكَ عَقَدَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مَجْلِسًا اسْتِشَارِيًّا، وَأَخْبَرَ الصَّحَابَةَ بِخُرُوجِ قُرَيْشٍ، فكَرِهَ بَعْضُهُمُ القِتَالَ، وَعَارَضَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَسْتَعِدُّوا لِقِتَالٍ، إِنَّمَا خَرَجُوا لِمُلَاقَاةِ الفِئَةِ الضَّعِيفَةِ التِي تَحْرُسُ العِيرَ، فَلَمَّا أَنْ عَلِمُوا أَنَّ قُرَيْشًا قَدْ نَفَرَتْ بِخَيْلِهَا وَرَجِلِهَا، وشُجْعَانِهَا وفُرْسَانِهَا، كَرِهُوا لِقَاءَهَا كَرَاهِيَةً شَدِيدَةً، هِيَ هَذِهِ الكَرَاهِيَةُ التِي يَرْسُمُ التَّعْبِيرُ القُرْآنِيُّ صُورَتَهَا بِطَرِيقَةِ القُرْآنِ الفَرِيدَةِ (٣): {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ (٥) يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (٦) وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ (٤) وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ


(١) قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ في تفسير (٢/ ١٤٩): كان رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يشاور أصحابه في الأمر إذا حدث، تَطْيِيبًا لقلوبهم؛ ليكونوا فيما يفعلونه أنْشَطَ لهم.
(٢) ذِفْران بكسر الذال: هو وادٍ قُرْبَ وادي الصفراء. انظر النهاية (٢/ ١٤٩).
ووادي الصفراء تقدم ذكره.
(٣) انظر في ظلال القرآن (٣/ ١٤٨٠).
(٤) قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ في تفسيره (٤/ ١٥): لما بَلَغَ رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- خروجَ النَّفِير، أوحى اللَّه إليه يَعِدُه إحدى الطائفتين: إما العِيرُ وإما النَّفِير، ورغِبَ كثير من المسلمين إلى العِيرِ؛ لأنه كَسْبٌ بلا قِتَال.

<<  <  ج: ص:  >  >>