للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ تَزُولَ، لَكِنَّنَا لَا يَجُوزُ أَنْ نَنْسَى مَصْدَرَ هَذِهِ الطَّاقةِ المُتَأَجِّجَةِ مِنَ الشَّجَاعَةِ وَالثِّقَةِ، إِنَّهُ القُرْآنُ! ! لَئِنْ كَانَ الأَنْصَارُ قَبلَ بَيْعَتِهِمْ الكُبْرَى لَمْ يَصْحَبُوا الرَّسُولَ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَّا لِمَامًا (١) فَإِنَّ الوَحْيَ المُشِّعَ مِنَ السَّمَاءِ أَضَاءَ لَهُمُ الطَّرِيقَ، وَأَوْضَحَ الغَايَةَ (٢).

* إِسْلَامُ عَمْرِو بنِ الجَمُوحِ -رضي اللَّه عنه- (٣):

لَمَّا رَجَعَ الأَنْصَارُ الذِينَ بَايَعُوا رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- ليْلَةَ العَقَبَةِ الثَّانِيَةِ إِلَى المَدِينَةِ أَظْهرُوا الإِسْلَامَ بِهَا، وَدَعَوْا أَهْلِيهِم إِلَيْهِ، وَكَانَ فِي قَوْمِهِم بَقَايَا مِنْ شُيُوخٍ لَهُمْ عَلَى دِينهِم مِنَ الشِّرْكِ، مِنْهُمْ عَمْرُو بنُ الجَمُوحِ -رضي اللَّه عنه- مِنْ سَادَاتِ بَنِي سَلِمَةَ وَأَشْرَافِهِمْ، وَكَانَ ابْنُهُ مُعَاذٌ شَهِدَ العَقَبَةَ، وَبَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِهَا.

وَكَانَ عَمْرٌو قَدْ اتَّخَذَ فِي دَارِهِ صَنَمًا مَنْ خَشَبٍ، يُقَالُ له (مَنَاةٌ)، كَمَا كَانَ الأَشْرَافُ يَصْنَعُونَ، فَلَمَّا أَسْلَمَ فِتْيَانُ بَنِي سَلِمَةَ: مُعْاذُ بنُ جَبَلٍ، وَابْنُهُ مُعَاذُ بنُ عَمْرٍو، فِي فِتْيَان مِنْهُمْ مِمَّنْ أَسْلَمَ وَشَهِدَ العَقَبَةَ، كَانُوا يُدْلِجُونَ (٤) بِاللَّيْلِ عَلَى


(١) اللِّمام: اللقاء اليسير. انظر لسان العرب (١٢/ ٣٣٣).
(٢) انظر فقه السيرة للشيخ محمد الغزالي رحمه اللَّه تعالى ص ١٤٨.
(٣) هو عمرُو بن الجَمُوح الأنصاري الخَزْرَجِي، كان -رضي اللَّه عنه- أعْرَجًا، وشَهِدَ بَدرًا في قول، ولم يذكره ابن إسحاق فيهم، واستشهِدَ في أُحُدٍ. ودفن هو وعبد اللَّه بن عمرو بن حرامٍ في قبْرٍ واحدٍ. وكان عمرُو بن الجَمُوحِ -رضي اللَّه عنه- كَرِيمًا جَوَادًا، سَيِّدًا من ساداتِ الأنصار، وشريفًا من أشرافهم. انظر الإصابة (٤/ ٥٠٦).
(٤) الدُّلجَةُ: سَيْرُ الليل. انظر النهاية (٢/ ١٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>