للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* الفِرْقَةُ الأُولَى:

لَاذَتْ بِالفِرَارِ وَتَرَكَتْ سَاحَةَ المَعْرَكَةِ، فَلَمْ تَرُدَّهُمْ إِلَّا حِيطَانُ (١) المَدِينَةِ، وَكَانَ الفَارُّونَ لَا يَلْوُونَ عَلَى شَيْءٍ، فَمِنْهُمْ مَنِ انْطَلَقَ إِلَى فَوْقِ الجَبَلِ، إِلَى قَرِيبٍ مِنَ المِهْرَاسِ (٢) في الشِّعْبِ، وَمِنْهُمُ اسْتَمَرَّ في الهَزِيمَةِ، فَمَا رَجَعُوا إِلَّا بَعْدَ انْقِضَاءَ القِتَالِ، وَهَؤُلَاءِ قَلِيلُونَ، كَانَ مِنْ جُمْلَةِ مَنِ انْهَزَمَ: عُثْمَانُ بنُ عَفَّانَ، وَالحَارِثُ بنُ حَاطِبٍ، وَسَوَادُ بنُ غَزِيَّةَ، وسَعْدٌ وعُقْبَةُ ابْنَا عُثْمَانَ، وَرِفَاعَةُ بنُ مُعَلَّى، وَخَارِجَةُ بنُ عَمْرٍو، وَأَوْسُ بنُ قَيْظِيٍّ، وَهَؤُلَاءِ نَزَلَ فِيهِمْ قَوْلَهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} (٣).

عَفَا عَمَّا وَقَعَ مِنْكُمْ مِنْ ضَعْفٍ وَمِنْ نِزَاعٍ وَمِنْ عِصْيَانٍ، وَعَفَا كَذَلِكَ عَمَّا وَقَعَ مِنْكُمْ مِنْ فِرَارٍ وَانْقِلَاب وَارْتِدَادٍ. . . عَفَا عَنْكُمْ فَضْلًا مِنْهُ وَمِنَّةً، وتَجَاوُزا عَنْ ضَعْفِكُمُ البَشَرِيِّ الذِي لَمْ تُصَاحِبْهُ نِيَّةٌ سَيِّئَةٌ، وَلَا إِصْرَارٌ عَلَى الخَطِيئَةِ. . . عَفَا عَنْكُمْ، لأَنَّكُمْ تُخْطِئُونَ وتَضَعُفُونَ في دَائِرَةِ الإِيمَانِ بِاللَّهِ، وَالِاسْتِسْلَامِ لَهُ (٤).

أَخْرَجَ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ عَنْ عُثْمَانَ بنِ مَوْهَبٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ حَجَّ البَيْتَ فَرَأَى قَوْمًا جُلُوسًا فَقَالَ: مَنْ هَؤُلَاءِ القُعُودُ؟ قَالُوا: هَؤُلَاءَ قُرَيْشٌ،


(١) الحائط: هو البستان من النخيل. انظر النهاية (١/ ٤٤٤).
(٢) المِهرَاسُ: هو ماءٌ بجبل أُحد. انظر النهاية (٥/ ٢٢٤).
(٣) سورة آل عمران آية (١٥٥).
(٤) انظر في ظلال القرآن (١/ ٤٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>