للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ -رضي اللَّه عنه- أنَّهُ قَالَ: لَمَّا بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَى الْيَمَنِ خَرَجَ مَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُوصِيهُ، وَمُعَاذٌ رَاكِبٌ، وَرَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَمْشِي تَحْتَ رَاحِلَتِهِ، فَلَمَّا فَرَغَ، قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يَا مُعَاذُ، إِنَّكَ عَسَى أَنْ لَا تَلقانِي بَعْدَ عَامِي هَذَا، وَلَعَلَّكَ أَنْ تَمُرَّ بِمَسْجِدِي هَذَا وَقَبْرِي"، فبكَي مُعَاذٌ -رضي اللَّه عنه- جَشَعًا (١) لِفِرَاقِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثُمَّ الْتَفَتَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- نَحْوَ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ: "إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِي المُتَّقُونَ، مَنْ كَانُوا وَحَيْثُ كَانُوا" (٢).

قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَهَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ إِشَارَةٌ، وَظُهُورٌ، وَإِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ مُعَاذًا -رضي اللَّه عنه- لَا يَجْتَمعُ بِالنَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بَعْدَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ وَقَعَ فَإِنَّهُ أَقَامَ بِالْيَمَنِ حَتَّى كَانَتْ حَجَّةُ الْوَدَاعِ، ثُمَّ كَانَتْ وَفَاتُهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- بَعْدَ أَحَدٍ وَثَمَانِينَ يَوْمًا مِنَ يَوْمِ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ (٣).

* رِوَايَةٌ مُخَالِفَةٌ:

رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ -رضي اللَّه عنه-: أَنَّهُ لَمَّا رَجَعَ مِنَ الْيَمَنِ (٤)، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَأَيْتُ رِجَالًا بِالْيَمَنِ يَسْجُدُ بَعْضُهُمْ


(١) الْجَشَع: الجزع لفراق الإلف. انظر النهاية (١/ ٢٦٥).
(٢) أخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (٢٢٠٥٢) - وابن حبان في صحيحه - كتاب الرقائق - باب الخوف والتقوى - رقم الحديث (٦٤٧).
(٣) انظر البداية والنهاية (٥/ ١٠٦).
(٤) قال الإمام السندي في شرح المسند (١٣/ ٧٨): هكذا وقع في هذه الرواية، وقد ثبت أن معاذا -رضي اللَّه عنه- ما رجع من اليمن بعد أن بعثه رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا بعد وفاته -صلى اللَّه عليه وسلم-، . . . لكن قد =

<<  <  ج: ص:  >  >>