للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَرِيَّةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنْ عَوْفٍ -رضي اللَّه عنه- إِلَى دُوْمَةِ الْجَنْدَلِ (١)

وَفِي شَعْبَانَ مِنَ السَّنَةِ السَّادِسَةِ لِلْهِجْرَةِ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ -رضي اللَّه عنه-، فَقَالَ لَهُ: "تَجَهَّزْ فَإِنِّي بَاعِثُكَ فِي سَرِيَّةٍ مِنْ يَوْمِكَ هَذَا، أَوْ مِنَ الْغَدِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى"، فَأَصْبَحَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَغَدَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَأَقْعَدَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَعَمَّمَهُ بِيَدِهِ، ثُمَّ عَقَدَ له رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- اللِّوَاءَ بِيَدِهِ، أَوْ أَمَرَ بِلَالًا يَدْفَعُهُ إِلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: "خُذْهُ بِسْمِ اللَّهِ وَبَرَكَتِهِ"، ثُمَّ حَمِدَ اللَّهُ تَعَالَى، ثُمَّ قَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اغْزُ بِسْمِ اللَّهِ، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَاتِلْ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ! وَلَا تَغُلَّ (٢)، وَلَا تَغْدِرْ، وَلَا تَقْتُلْ وَلِيدًا" (٣)، ثُمَّ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ أَنْ يَسِيرَ إِلَى بَنِي كَلْبٍ بِدُومَةِ الْجَنْدَلِ، فَيَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَقَالَ لَهُ: "إِنِ اسْتَجَابُوا لَكَ فتَزَوَّجِ ابْنَةَ مَلِكِهِمْ".

فَسَارَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ -رضي اللَّه عنه- بِأَصْحَابِهِ وَكَانُوا سَبْعَمِائَةِ رَجُلٍ، حَتَّى قَدِمَ دُومَةَ الْجَنْدَلِ، فَمَكَثَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ أَسْلَم


(١) دُومَةُ: بضم الدال وتفتح، ودُومَةُ الْجَنْدَلِ: موضع على أطراف الشام بينها وبين الشام خمس ليال. انظر النهاية (٢/ ١٣٢) - شرح المواهب (٣/ ١٣٤).
(٢) الْغُلُولُ: هو الْخِيَانَةُ في الْمَغْنَمِ والسَّرِقَةُ من الغنيمة قبل القِسْمَةِ. انظر النهاية (٣/ ٣٤١).
(٣) أصلُ وصيَّة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- هذه لعبد الرحمن بن عوف -رضي اللَّه عنه-: في صحيح مسلم - كتاب الجهاد والسير - باب تأمير الإمام الأمراء على البعوث - رقم الحديث (١٧٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>