للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ يَسِيرَا نَحْوَ الشِّمَالِ ذَهَبَا إِلَى الجَنُوبِ حَيْثُ يُوجَدُ غَارُ ثَوْرٍ، وَهُوَ جَبَلٌ (١) وَفِيهِ الغَارُ، اخْتَارَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِيَأْوِي إِلَيْهِ لِتَضْلِيلِ المُشْرِكِينَ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ قُرَيْشًا سَتَجِدُّ (٢) فِي طَلَبِهِ، وَأَنَّ الطَّرِيقَ الذِي سَتَتَّجِهُ إِلَيْهِ الأَنْظَارُ لِأَوَّلِ وَهْلَةٍ (٣) هُوَ طَرِيقُ المَدِينَةِ الرَّئِيسِيُّ المُتَّجِهُ شَمَالًا، فَقَدْ سَلَكَ الطَّرِيقَ الذِي يُضَادُّهُ تَمَامًا، وَهُوَ الطَّرِيقُ الوَاقِعُ جَنُوبَ مَكَّةَ (٤).

* آخِرُ نَظْرَةٍ لِمَكَّةَ:

وَلَمَّا خَرَجَ الرَّسُولُ -صلى اللَّه عليه وسلم- منْ مَكَّةَ أَخَذَ يَنْظُرُ إِلَى مَكَّةَ نَظْرَةَ الوَدَاعِ، وَهُوَ يَقُولُ: "وَاللَّهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ، وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ، وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ" (٥).


= وهذه الرواية مخالفَةٌ لما وقَع فِي الصحيح من أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبو بكر الصديق -رضي اللَّه عنه- خَرَجَا مَعًا من بيتِ أبي بكر.
قال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (٣/ ١٩٣): وقد حكى ابن جرير عن بعضهم: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سَبَقَ الصدِّيقَ -رضي اللَّه عنه- فِي الذَّهَابِ إلى غَارِ ثَوْرٍ، وأمَرَ عَلِيًّا أن يَدُلَّهُ على مَسِيرِهِ ليَلْحَقَهُ، فلحِقَهُ فِي أثنَاءِ الطريقِ، وهذا غَريب جدًا، وخلافُ المشهور من أنهما -أي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبو بكر- خَرَجا معًا.
(١) غارُ ثَوْرٍ: هو جبلٌ شَامِخٌ فِي مكة، وعِرُ الطريق، صَعْبُ المُرْتَقَى، ذُو أحجارٍ كثيرة. انظر النهاية (١/ ٢٢٣).
(٢) جَدَّ فِي السير: أي إذا اهتَمَّ به وأسرَعَ فيه. انظر النهاية (١/ ٢٣٧).
(٣) أوَّل وَهْلَة: أي أول شيء، انظر لسان العرب (١٥/ ٤١٦).
(٤) انظر سيرة ابن هشام (٢/ ٩٩) - الرحيق المختوم ص ١٦٤.
(٥) أخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (٨/ ١٨٧) - وابن ماجة في سننه، كتاب المناسك - باب فضل مكة - رقم الحديث (٣١٠٨) وإسناده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>