للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَوْقِفُ مُشرِكِي المَدِينَةِ مِنَ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم-

أَقَامَ بَعْضُ أَهْلِ المَدِينَةِ عَلَى شِرْكِهِمْ، وأَبَوْا الدُّخُولَ في الإِسْلَامِ حَتَّى الْتَحَقَ بَعْضُهُمْ بِقُرَيْشٍ وَرَاحَ يُؤَّلِّبُ (١) عَلَى الإِسْلَامِ وَالمُسْلِمِينَ، ومِنْ أشْهَرِهِمْ أَبُو عَامِرٍ الرَّاهِبُ، وعَبْدُ اللَّهِ بنُ أُبَيِّ بنِ سَلُولٍ.

أَمَّا أَبُو عَامِرٍ فَهُوَ عَمْرُو بنُ صَيْفِيٍّ أحَدُ بَنِي ضُبَيْعَةَ بنِ زَيْدٍ مِنَ الأَوْسِ، وَهُوَ وَالِدُ حَنْظَلَةَ غَسِيلِ المَلَائِكَةِ، وَكَانَ قَدْ تَنَصَّرَ فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَقَرَأَ عِلْمَ أَهْلِ الكِتَابِ، وكَانَ فِيهِ عِبَادَةٌ في الجَاهِلِيَّةِ، ولَهُ شَرَفٌ فِي الخَزْرَجِ كَبِيرٌ، فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مُهَاجِرًا إِلَى المَدِينَةِ، وَاجْتَمَعَ المُسْلِمُونَ عَلَيْهِ، وصَارَتِ لِلْإِسْلَامِ كَلِمَة عَالِيَةٌ، وأظْهَرَهُمُ اللَّهُ يَوْمَ بَدْرٍ، شَرِقَ -أيْ غَصَّ- اللَّعِينُ أَبُو عَامِرٍ بِرِيقِهِ، وَبَارَزَ بِالعَدَاوَةِ، وَظَاهَرَ بِهَا، وَخَرَجَ فَارًّا إِلَى كُفَّارِ مَكَّةَ مِنْ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ، فَأَلَّبَهُمْ عَلَى حَرْبِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَاجْتَمَعُوا بِمَنْ وَافَقَهُمْ مِنْ أحْيَاءِ العَرَبِ، وَقَدِمُوا عَامَ أُحُدٍ، فَكَانَ مِنْ أمْرِ المُسْلِمِينَ مَا كَانَ، وَامْتَحَنَهُمُ اللَّهُ، وَكَانَتِ العَاقِتةُ لِلْمُتَّقِينَ، وَكَانَ هَذَا الفَاسِقُ قَدْ حَفَرَ حَفَائِرَ فِيمَا بَيْنَ الصَّفَّيْنِ، فَوَقَعَ فِي إحْدَاهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَأُصِيبَ ذَلِكَ اليَوْمَ، فَجُرِحَ فِي وَجْهِهِ


(١) التألِيبُ: التَّحْرِيضُ. انظر لسان العرب (١/ ١٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>