للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ النَّاسُ: قَدْ صَدَقَ وَاللَّهِ ابْنُ رَوَاحَةَ، وَاسْتَقَرَّ الأَمْرُ عَلَى مُقَاتَلَةِ العَدُوِّ (١).

بَعَثَتْ هَذِهِ العَقِيدَةُ وَالنَّفْسِيَّةُ طُمَأْنِينَةً فِي أَنْفُسِهِمْ، وَسَكِينَةً فِي قُلُوبِهِمْ، وَشَجَاعَةً خَارِقَةً لِلْعَادَةِ، وَاسْتِهَانَةً بِالعَدَدِ وَالعُدَّةِ، وَعَدَمَ عِبَادَةٍ لِلْمَادَّةِ، وَعَدَمَ اتِّخَاذِ الأَسْبَابِ أَرْبَابًا، وَعَرَفُوا أَنَّهُمْ يُقَاتِلُونَ بِقُوَّةِ الدِّينِ، وَيَظْفَرُونَ وَيَغْلِبُونَ ببَرَكَةِ الإِسْلَامِ، فَكَانُوا شَدِيدِي الِاحْتِفَاظِ، كَثِيرِي الِاعْتِدَادِ بِهَا (٢).

* تَحَرُّكُ المُسْلِمِينَ إِلَى عَدوِّهِمْ:

وَبَعْدَ أَنْ قَضَى المُسْلِمُونَ لَيْلَتَيْنِ فِي مَعَانَ، تَحَرَّكُوا إِلَى أَرْضِ العَدُوِّ، فَلَمَّا وَصَلُوا تُخُومَ (٣) البَلْقَاءَ، لَقِيَتْهُمْ جُمُوعُ هِرَقْلَ مِنَ الرُّومِ وَنَصَارَى العَرَبِ، بِقَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا "مُشَارِفٌ"، ثُمَّ دَنَا العَدُوُّ، وَانْحَازَ المُسْلِمُونَ إِلَى قَرْيَةِ مُؤْتَةَ، فَعَسْكَرُوا هُنَاكَ، وَتَعَبَّاَ الجَيْشُ الإِسْلَامِيُّ لِلْقِتَالِ، فَجَعَلَ زَيْدُ بنُ حَارِثَةَ -رضي اللَّه عنه- عَلَى المَيْمَنَةِ: قُطْبَةَ (٤) بنَ قتَادَةَ العُذْرِيَّ (٥)، وَعَلَى المَيْسَرَةِ: عَبَايَةَ بنَ مَالِكٍ الأَنْصَارِيَّ (٦).


= الكلمة الملتهبة أثرها، فاختفت من صفوف المسلمين مشاعر الترَدُّدِ، وقرروا القتال مهما كانت النتائج.
(١) انظر سيرة ابن هشام (٤/ ٢٢) - البداية والنهاية (٤/ ٦٣٤) - دلائل النبوة للبيهقي (٤/ ٣٦٠).
(٢) انظر كتاب "إلى الإسلام من جديد" ص ٥٩، للشيخ أبي الحسن النَّدْوي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
(٣) التُّخُوم: الفصلُ بين الأرضَيْنِ من الحُدُود والمعالم. انظر لسان العرب (٢/ ٢١).
(٤) قُطْبة: بضم القاف.
(٥) العُذْري: بضم العين.
(٦) انظر سيرة ابن هشام (٢/ ٢٥) - الطبَّقَات الكُبْرى لابن سعد (٢/ ٣١٤) - شرح المواهب (٣/ ٣٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>