للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأَحْدَاثُ بَيْنَ غَزْوَةِ أُحُدٍ وَغَزْوَةِ الخَنْدَقِ

كَانَ لِغَزْوَةِ أُحُدٍ أَثَرٌ سَيِّئٌ عَلَى سُمْعَةِ المُسْلِمِينَ، فَقَدْ زَالَتْ هَيْبَتُهُمْ عَنِ النُّفُوسِ، وَطَمِعَتْ بِهِمُ القَبَائِلُ، وَكَاشَفَهُمُ (١) اليَهُودُ وَالمُنَافِقُونَ بِمَا كَانُوا يُضْمِرُونَهُ (٢) مِنَ العَدَاوَةِ والبُغْضِ، فَلَمْ يَمْضِ عَلَى هَذِهِ الغَزْوَةِ شَهْرَانِ حَتَّى تَهَيَّأَت قَبَائِلُ بَنِي أَسَدٍ لِلْإِغَارَةِ (٣) عَلَى المَدِينَةِ، ثُمَّ أَخَذَ خَالِدُ بنُ سُفْيَانَ الهُذَلِيُّ يَجْمَعُ الرِّجَالَ لِنَفْسِ الغَرَضِ، ثُمَّ قَامَتْ قَبَائِلُ عَضْلٍ وَالقَارَّةُ بِمَكِيدَةٍ تَسَبَّبَتْ في قتلِ طَائِفَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَقَامَ عَامِرُ بنُ الطُّفيْلِ في نَفْسِ الوَقْتِ بِمَكِيدَةٍ مِثْلِهَا تَسَبَّبَتْ في قتلِ سَبْعِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ، ثُمَّ نَقَضَ بَنُو النَّضِيرِ العَهْدَ وهَمُّوا بِقَتْلِ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- غَافِلًا عَنْ هَذِهِ التَّحَرّكَاتِ والمَطَامِعِ، بَلْ كَانَ يُوَاجِهُهَا بِحِكْمَتِهِ حَتَّى اسْتَطَاعَ أَنْ يُعِيدَ لِلْمُسْلِمِينَ هَيْبَتَهُمْ وَمَكَانتهُمْ.

وَفِيمَا يَلِي تَفْصِيلُ هَذِهِ الأَحْدَاثِ:


(١) كاشَفَهُ بالعداوَةِ: بادَأَهُ بها. انظر لسان العرب (١٢/ ١٠٢).
(٢) أضمَرْتُ الشيءَ: أخفَيْتُهُ. انظر لسان العرب (٨/ ٨٥).
(٣) يُقالُ: أغَارَ يُغِيرُ: إذا شَدَّ في العدو. انظر النهاية (٣/ ٢٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>