للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِصَّةُ الحَجَّاجِ بنِ عِلاطٍ (١) السُلَمِيِّ -رضي اللَّه عنه- وَقُرَيْشٍ

رَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِهِ وَابْنُ حِبَّانَ في صَحِيحِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ -رضي اللَّه عنه- أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا افتتَحَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- خَيْبَرَ، قَالَ الحَجَّاجُ بنُ عِلَاطٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي بِمَكَّةَ مَالًا عِنْدَ صَاحِبتِي (٢)، وَمَالٌ مُتَفَرِّقٌ في تُجَّارِ أَهْلِ مَكَّةَ، فَأْذَنْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ آتِيَ مَكَّةَ لِآخُذَ مَالِي قَبْلَ أَنْ يَعْلَمُوا بِإِسْلَامِي فَلَا أَقْدِرَ عَلَى أَخْذِ شَيْءٍ مِنْهُ، فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَالَ الحَجَّاجُ: يَا رَسُول اللَّهِ إِنَّهُ لَاُبدَّ لِي أَنْ أَقُولَ (٣)، فَأَنَا في حِلٍّ إِنْ نِلْتُ مِنْكَ أَوْ قُلْتُ شَيْئًا؟

فَأَذِنَ له رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنْ يَقُولَ مَا شَاءَ (٤).

قَالَ الحَجَّاجُ: فَخَرَجْتُ حَتَّى إِذَا قَدِمْتُ مَكَّةَ وَجَدْتُ -بِثَنِيَّةِ البَيْضَاءِ- رِجَالًا مِنْ قُرَيْشٍ يَسْتَمِعُونَ الأَخْبَارَ، وَيَسْأَلُونَ عَنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَقَدْ


(١) قال الحافظ في الإصابة (٢/ ٢٩): عِلَاط: بكسر العين وتخفيف اللام.
(٢) صَاحِبَتِي: أي زوجته.
(٣) أي أن أَكْذِبَ.
(٤) قال الإِمام ابن مفلح الحنبلي في كتابه الآداب الشرعية (١/ ٤٥): قال بعض أصحابنا المتأخرين: إنه يجوزُ كَذِبُ الإنسان على نفسه وغيره إذا لم يتضمَّن ضرر ذلك الغير إذا كان يتوصل بالكذب إلى حقِّه، كما كذب الحَجَّاج بن عِلاط على المشركين حتى أخَذَ ماله من مَكَّةَ من المشركين من غير مَضَرَّةٍ لَحِقَتْ بالمسلمين من ذلك الكذب.

<<  <  ج: ص:  >  >>