أَوِ الفِضَّةِ، غَيْرَ أَنَّ تَزْيِينَ آلَاتِ الحَرْبِ وَأَسْلِحَتِهَا بِالفِضَّةِ غَيْرُ مَمْنُوعٍ، فَمَظْهَرُ الكِبْرِ هُنَا حَقِيقَتُهُ افْتِخَارٌ بِعِزَّةِ الإِسْلَامِ عَلَى أَعْدَائِهِ، ثُمَّ هُوَ مَعْنًى مِنْ مَعَانِي الحَرْبِ النَّفْسِيَّةِ التِي يَنْبَغِي أَنْ لَا تَفُوتَ المُسْلِمِينَ أَهَمِّيَّتُهَا (١).
* تَعْبِئَةُ قُرَيْشٍ جَيْشَهَا:
أَمَّا قُرَيْشٌ فَقَدْ عَبَّأَتْ جَيْشَهَا حَسَبَ نِظَامِ الصُّفُوفِ، فَكَانَتِ القِيَادَةُ العَامَّةُ إلى أَبِي سُفْيَانَ، وَعَلَى مَيْسَرَتِهَا عِكْرِمَةُ بنُ أَبِي جَهْلٍ، وَاسْتَعْمَلُوا عَلَى مَيْمَنَةِ خَيْلِهِمْ خَالِدَ بنَ الوَليدِ، وَكَانَ مَعَهُمْ مِائتَا فَرَسٍ كَمَا تَقَدَّمَ، وَجَعَلُوا عَلَى المُشَاةِ صَفْوَانَ بنَ أُمَيَّةَ، وَيُقَالُ عَمْرَو بنَ العَاصِ، وَعَلَى الرّمَاةِ وَكَانُوا مِائَة، عَبْدَ اللَّهِ بنَ أَبِي رَبِيعَةَ، وَدَفَعُوا اللِّوَاءَ إلى طَلْحَةَ بنِ أَبِي طَلْحَةَ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ.
وَقَدْ كَانَ بَنُو عَبْدِ الدَّارِ أَصْحَابَ اللِّوَاءِ مُنْذُ أَنِ اقْتَسَمَتْ بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ المَنَاصِبَ التِي وَرِثُوهَا مِنْ قُصَيِّ بنِ كِلَابٍ، يَرِثُونَهُ كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ، وَلَا يُمْكِنُ لِأَحَدٍ أَنْ ينَازِعَهُمْ في ذَلِكَ.
لَكِنَّ أَبَا سُفْيَانَ جَاءَهُمْ لِيُحَرِّضَهُمْ عَلَى القِتَالِ، وَليُثِيرَهُمْ عَلَى حِمَايَةِ اللِّوَاءَ فَقَالَ لَهُمْ: يَا بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، إِنَّكُمْ قَدْ وَليتُمْ لِوَاءَنَا يَوْمَ بَدْرٍ، وَأَصَابَنَا مَا قَدْ رَأَيْتُمْ، وَإِنَّمَا يُؤْتَى النَّاسُ مِنْ قِبلِ رَايَاتِهِمْ، إِذَا زَالَتْ زَالُوا، فَإِمَّا أَنْ تَكْفُونَا لِوَاءَنَا، وَإِمَّا أَنْ تُخَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ فَنَكْفِيكُمُوهُ.
(١) انظر فقه السيرة ص ١٨٠ للدكتور: محمد سعيد رمضان البوطي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute