للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} (١).

قَالَ الحافِظُ ابنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى في هَذِهِ الآيَةِ: هَذَا تَسْلِيَةٌ لِلنَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في تَكْذِيبِ مَنْ كَذَّبَهُ مِنْ قَوْمِهِ، وَوَعْدٌ له، وللْمُؤْمِنِينَ بِهِ بالنُّصْرَةِ والعاقِبةِ الحَسَنَةِ في الدُّنْيا والآخِرَةِ (٢).

ومضَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي رِسالَةِ الدَّعْوَةِ والبَلَاغِ صابِرًا مُحْتَسِبًا، مُؤَدِّيًا إِلَى قَوْمِهِ النَّصِيحَةَ، فَلَمَّا تَمَادَوْا في الشَّرِّ، وأكْثَرُوا الِاسْتِهْزاءَ كَفاهُ اللَّهُ تَعَالَى المُسْتَهْزِئِينَ بِهِ فأنْزَلَ اللَّه تَعَالَى: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (٩٥) الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} (٣).

* رُكَانَةُ بنُ عَبْدِ يَزِيدَ (٤) يُصارع الرَّسُولَ -صلى اللَّه عليه وسلم-:

رَوَى أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما أَنَّهُ قَالَ: أَنَّ رُكَانَةَ بنَ عَبْدِ يَزِيدَ صارَعَ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَصَرَعَهُ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ثَلاثَ مَرَّاتٍ، كُلُّ مَرَّةٍ عَلَى مِائَةٍ مِنَ الغَنَمِ، فَلَمَّا كَانَ في الثَّالِثَةِ، قَالَ: يا مُحَمَّدُ ما وَضَعَ


(١) سورة الأنعام آية (١٠) - والخبر في سيرة ابن هشام (٢/ ٩) - والبداية والنهاية (٣/ ١١٤).
(٢) انظر تفسير ابن كثير (٣/ ٢٤٢).
(٣) سورة الحجر آية (٩٥ - ٩٦) - والخبر في سيرة ابن هشام (٢/ ٢٢ - ٢٣).
(٤) هو رُكَانَةُ بنُ عبدِ يزِيدَ بنِ هاشِمٍ المُطَّلبِيُّ، كان مِنْ أشَدِّ الناس، وهو الذِي صارَعَهُ الرَّسول -صلى اللَّه عليه وسلم- مرَّتينِ أو ثَلاث، وأسلمَ رُكانَةُ يوم فتح مكَّةَ، وقيل أسلمَ عَقِبَ مُصارَعَتِهِ الرَّسولَ -صلى اللَّه عليه وسلم-.
وتوفى في خلافَةِ عُثمان، وقيل: تُوفي سنةَ اثنتينِ وأربعين. انظر أسد الغابة (٢/ ١٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>