للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَمِئَةٍ وَهُوَ فَارِسٌ، فَضَرَبَ يَدَهُ اليُمْنَى فَقَطَعَهَا، وَمُصْعَبٌ يَقُولُ {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ}، فَأَخَذَ اللِّوَاءَ بِيَدِهِ اليُسْرَى، فَضَرَبَ ابْنُ قَمِئَةَ يَدَهُ اليُسْرَى فَقَطَعَهَا، فَضَمَّ اللِّوَاءَ بِعَضُدَيْهِ إِلَى صَدْرِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ}، ثُمَّ هَجَمَ ابْنُ قَمِئَةَ فَضَرَبَهُ بِالرُّمْحِ، فَقتَلَهُ، وَسَقَطَ مُصْعَبُ بنُ عُمَيْرٍ -رضي اللَّه عنه- قَتِيلًا، وَسَقَطَ اللِّوَاءُ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَلِيَّ بنَ أَبِي طَالِبٍ -رضي اللَّه عنه- أَنْ يَرْفَعَ اللِّوَاءَ، فَرَفَعَهُ (١).

* إِشَاعَةُ مَقْتَلِ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَتَأْثِيرُ ذَلِكَ عَلَى الصَّحَابَةِ:

فَلَمَّا قتَلَ ابنُ قَمِئَةَ مُصْعَبَ بنَ عُمَيْرٍ -رضي اللَّه عنه-، وَكَانَ مُصْعَبٌ يُشْبِهُ الرَّسُولَ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِذَا لَبِسَ لَأَمَتَهُ، فَظَنَّ أَنَّهُ قتَلَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَرَجَعَ إِلَى قُرَيْشٍ، وَهُوَ يَقُولُ: قتَلْتُ مُحَمَّدًا، وَصَرَخَ الشَّيْطَانُ بِصَوْتٍ عَالٍ: أَلَا إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ، فَلَمَّا سَمِعَ المُسْلِمُونَ ذَلِكَ، عَظُمَ الأَمْرُ عَلَيْهِمْ، وَطَاشَتْ أَحْلَامُهُمْ (٢)، وَذُهِلُوا عَنْ أَنْفُسِهِمْ، وَأَصْبَحُوا حَيَارَى لَا يَدْرُونَ مَاذَا يَصْنَعُونَ، فَصَارُوا ثَلَاثَ فِرَقٍ:


(١) انظر سيرة ابن هشام (٣/ ٨١).
(٢) الأحْلامُ: العُقُول. انظر النهاية (١/ ٤١٦).
ومنه قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه - رقم الحديث (٤٣٢) في صلاة الجماعة: "لِيَلِنِي منكُم أولُو الأحلام والنُّهى".
أي ذَوُو الألباب والعقول، واحدها حِلم بالكسر، وكأنه من الحِلْم: الأناةُ والتثبُّت في الأمور، وذلك من شعار العقلاء. انظر النهاية (١/ ٤١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>