للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَرْسَلُوا إِلَى قُرَيْشٍ وَغَطَفَانَ: إِنَّا وَاللَّهِ لَا نُقَاتِلُ مَعَكُمْ مُحَمَّدًا حَتَّى تُعْطُونَا رَهْنًا، فَأَبَوْا عَلَيْهِمْ، وَخَذَّلَ اللَّهُ بَيْنَهُمْ، وَيَئِسَ هَؤُلَاءِ مِنْ نَصْرِ هَؤُلَاءَ، وَهَؤُلَاءَ مِنْ نَصْرِ هَؤُلَاءِ، وَاخْتَلَفَ أَمْرُهُمْ وَتَفَرَّقُوا، وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ} (١).

قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ: أَيْ: لَمْ يَحْتَاجُوا إِلَى مُنَازَلَتِهِمْ وَمُبَارَزَتِهِمْ حَتَّى يُجْلُوهُمْ عَنْ بِلَادِهِمْ، بَلْ كَفَى اللَّهُ وَحْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَأَعَزَّ جُنْدَهُ، وَلهَذَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، صَدَقَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَأَعَزَّ جُنْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ، فَلَا شَيْءَ بَعْدَهُ" (٢).

* دُعَاءُ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَلَى الأَحْزَابِ:

وَفِي هَذِهِ الْغَمْرَةِ مِنَ الشَّدَائِدِ وَالْمَخَاوِفِ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَأَصْحَابُهُ لَا يَنْفَكُّونَ عَنِ الدُّعَاءِ للَّهِ رَبِّ الَعَالَمِينَ، فَقَدْ أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: دَعَا رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَلَى


(١) سورة الأحزاب آية (٢٥) - وانظر تفاصيل قصة تخذيل نعيم بن مسعود -رضي اللَّه عنه- بين المشركين واليهود في: الطبَّقَات الكُبْرى لابن سعد (٤/ ٤٥٨) - دلائل النبوة للبيهقي (٣/ ٤٤٥ - ٤٤٧) - سيرة ابن هشام (٣/ ٢٥٣) - زاد المعاد (٣/ ٢٤٤).
(٢) أخرج البخاري هذا الحديث في صحيحه - كتاب المغازي - باب غزوة الخندق وهى الأحزاب - رقم الحديث (٤١١٤) - وأخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الذكر والدعاء - باب التعوذ من شر ما عمل، ومن شر ما لم يعمل - رقم الحديث (٢٧٢٤) - وانظر كلام الحافظ ابن كثير رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى في تفسيره (٦/ ٣٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>