للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ: قَوْلَهُ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فِي سَبِيلِ اللَّهِ" احْتِرَازٌ مِمَّنْ يَقْتُلُهُ فِي حَدٍّ أَوْ قِصَاصٍ؛ لِأَنَّ مَنْ يَقْتُلُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَانَ قَاصِدًا قَتْلَهُ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (١).

وَأَخْرَجَ الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، وَالطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ مُشْكِلِ الآثَارِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مَسْعُودٍ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ القِيَامَةِ، رَجُلٌ قَتَلَ نَبِيًّا، أَوْ قَتَلَهُ نَبِيٌّ، وَإِمَامُ ضَلَالَةٍ، وَمُمَثِّلٌ (٢) مِنَ المُمَثِّلِينَ" (٣).

* آخِرُ هُجُومٍ قَامَ بِهِ المُشْرِكُونَ:

وَلَمَّا اسْتَقَرَّ الرَّسُولُ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي الشِّعْبِ، قَامَ المُشْرِكُونَ بِآخِرِ هُجُومٍ حَاوَلُوا فِيهِ النَّيْلَ (٤) مِنَ المُسْلِمِينَ، إِلَّا أَنَّ المُسْلِمِينَ رَمَوْهُمْ بِالحِجَارَةِ، وَقَاتَلُوهُمْ حَتَّى فَشِلُوا، وَارْتَدُّوا عَلَى أعْقَابِهِمْ.

فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِالشِّعْبِ، مَعَهُ أُولَئِكَ النَّفَرُ مِنْ أَصْحَابِهِ، إِذْ عَلَتْ عَالِيَةٌ مِنْ خَيْلِ قُرَيْشٍ لِلجَبَلِ، يَقُودُهُمْ أَبُو سُفْيَانَ، وَخَالِدُ بنُ الوَليدِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اللَّهُمَّ إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَعْلُونَا" (٥)، "اللَّهُمَّ! إِنَّكَ إِنْ تَشَأْ لَا


(١) انظر صحيح مسلم بشرح النووي (١٢/ ١٢٧).
(٢) المُمَثِّل: أي مُصوِّر. انظر النهاية (٤/ ٢٥١).
(٣) أخرجه الإمام أحمد في المسند - رقم الحديث (٣٨٦٨) - والطحاوي في شرح مشكل الآثار - رقم الحديث (٦).
(٤) نالَ منَ القوم: إذا أصَابَ منهم. انظر النهاية (٥/ ١٢٤).
(٥) أخرج ذلك الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (٢٦٠٩) وإسناده حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>