للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"أَدْعُوكُمْ إِلَى اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنْ تَمْنَعُونِي مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ أَنْفُسَكُمْ فَإِنْ أَظْهَرْ فَأَنْتُمْ بِالخِيَارِ"، فَقَالَ عَامَّتُهُمْ: مَا أَحْسَنَ هَذَا القَوْلَ، وَلَكِنَّا نَعْبُدُ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا، فَقَالَ أَصْغَرُ القَوْمِ: يَا قَوْمُ! اسْبِقُوا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ قَبْلَ أَنْ تُسْبَقُوا إِلَيْهِ، فَوَاللَّهِ إِنَّ أَهْلَ الكِتَابِ لَيُحَدِّثُونَ أَنَّ نَبِيًّا يَخْرُجُ مِنَ الحَرَمِ قَدْ أَظَلَّ زَمَانُهُ، وَكَانَ فِي القَوْمِ إِنْسَانٌ أَعْوَرُ، فَقَالَ: أَمْسِكُوا عَلَيَّ، أَخْرَجَتْهُ عَشِيرتُهُ وَتُؤْوُونَهُ أَنْتُمْ؟ تَحْمِلُونَ حَرْبَ العَرَبِ قَاطِبَةً، لَا، ثُمَّ لَا، فَانْصَرَفَ عَنْهُمْ حَزِينًا، فَانْصَرَفَ القَوْمُ إِلَى قَوْمِهِمْ فَخَبَّرُوهُمْ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ اليَهُودِ: وَاللَّهِ إِنَّكُمْ مُخْطِئُونَ بِخَطَئِكُمْ لَوْ سَبَقْتُمْ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ لَسُدْتُمْ العَرَبَ، وَنَحْنُ نَجِدُ صِفَتَهُ فِي كِتَابِنَا، فَوَصَفَهُ لِلْقَوْمِ الذِينَ رَأَوْهُ، كُلُّ ذَلِكَ يُصَدِّقُونَهُ بِمَا يَصِفُ مِنْ صِفَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: نَجِدُ مَخْرَجَهُ بِمَكَّةَ، وَدَارَ هِجْرَتِهِ يَثْرِبَ، فَأَجْمَعَ القَوْمُ لِيُوَافُوهُ فِي المَوْسِمِ القِادِمِ، فَحَبَسَهُمْ سَيِّدٌ لَهُمْ عَنْ تِلْكَ السَّنَةِ، فَلَمْ يُوَافِ أَحَدٌ مِنْهُمْ (١).

٤ - قَبِيْلَةُ بَنِي حَنِيفَةَ:

قَالَ ابنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ كَعْبِ بنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَتَى بَنِي حَنِيفَةَ فِي مَنَازِرلهِمْ، فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ وَعَرَضَ عَلَيْهِمْ نَفْسَهُ، فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ العَرَبِ أَقْبَبحَ عَلَيْهِ رَدًا مِنْهُمْ (٢).


(١) انظر دلائل النبوة لأبي نعيم (١/ ٢٩٧).
(٢) انظر سيرة ابن هشام (٢/ ٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>