للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَزْوَةُ السَّوِيقِ (١)

وَفِي الخَامِسِ مِنْ ذِي الحِجَّةِ مِنَ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ لِلْهِجْرَةِ حَدَثَتْ غَزْوَةُ السَّوِيقِ (٢).

لَمَّا رَجَعَ أَبُو سُفْيَانَ إِلَى مَكَّةَ، وَرَجَعَ فَلُّ (٣) قُرَيْشٍ مِنْ بَدْرٍ، نَذَرَ أَبُو سُفْيَانَ أَنْ لَا يَمَسَّ رَأْسَهُ مَاءً مِنْ جَنَابَةٍ (٤) حَتَّى يَغْزُوَ مُحَمَّدًا -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَيَثْأَرَ لِأَصْحَابِهِ.

فَخَرَجَ فِي مِائَتَيْ رَاكِبٍ مِنْ قُرَيْشٍ، لِيَبَرَّ بِيَمِينِهِ، وَوَصَلَ إِلَى أَطْرَافِ المَدِينَةِ لَيْلًا، وَلَجَأَ إِلَى بَنِي النَّضِيرِ، فَأَتَى حُيَيَّ بنَ أَخْطَبَ، فَضَرَبَ عَلَيْه بَابَهُ،


(١) السويق: هو قَمْحٌ أو شعِيرٌ يُقْلَى ثمَّ يُطْحَن فيتزوَّد به ملتُوتًا -أي مُبَلَّلًا- بماءٍ أو سَمْنٍ أو عَسَل. انظر شرح المواهب (٢/ ٣٥٣) - لسان العرب (٦/ ٤٣٨).
(٢) انظر سيرة ابن هشام (٣/ ٥٠) - الطبَّقَات الكُبْرى لابن سعد (٢/ ٢٦٤) - شرح المواهب (٢/ ٣٥٣).
(٣) الفَلُّ: القوم المُنْهَزِمُون. انظر النهاية (٣/ ٤٢٥).
(٤) قال الإمام السهيلي في الرَّوْض الأُنُف (٣/ ٢٢١): وفي هذا الحديث أن الغُسل من الجنابة كان معمُولًا به في الجاهلية بقيَّةً من دينِ إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، كما بَقِيَ فيهم الحجُّ والنِّكاح، ولذلك سمَّوْها جَنَابة لمجانَبَتِهِمْ في تلك الحال البيت الحرام، ومواضع قرباتهم، ولذلك عُرِفَ معنى الكلمة في القرآن أعني قوله تَعَالَى في سورة المائدة آية (٦): {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا}، فكان الحَدَث الأكبر معروفًا بهذا الاسم، فلم يحتاجُوا إلى تفسيره، بخِلافِ الوُضُوء فلم يعرف قبل الإِسلام، فبيَّنَه سبحانه وتَعَالَى بقوله في سورة المائدة آية (٦): {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>