للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى ظَهْرِهِ تَشْخُبُ (١) رِجْلُهُ دَمًا، ثُمَّ حبَا إِلَى الحَوْضِ حَتَّى اقْتَحَمَ فِيهِ، يُرِيدُ أَنْ يَبَرَّ يَمِينَهُ، وَلَكِنَّ حَمْزَةَ -رضي اللَّه عنه- ضَرَبَهُ ضَرْبَةً أُخْرَى، فَقتَلَهُ وَهُوَ دَاخِلَ الحَوْضِ (٢). فَكَانَ هَذَا الرَّجُلُ أَوَّلَ قَتِيلٍ في المَعْرَكَةِ.

* المُبَارَزَةُ:

ثُمَّ خَرَجَ ثَلَاثَةٌ مِنْ خِيرَةِ فُرْسَانِ قُرَيْشٍ يَطْلُبُونَ المُبَارَزَةَ، وَهُمْ: عُتْبَةُ بنُ رَبِيعَةَ، وَأَخُوهُ شَيْبَةُ، وَابْنُهُ الوَلِيدُ، فَلَمَّا انْفَصَلُوا مِنَ الصَّفِّ طَلَبُوا المُبَارَزَةَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ ثَلَاثَةٌ مِنْ أفْضَلِ شَبَابِ الأَنْصَارِ وَهُمْ: عَوْفٌ، وَمُعَاذٌ ابْنَا الحَارِثِ -وَأُمُّهُمَا عَفْرَاءُ (٣) - وَعَبْدُ اللَّهِ بنُ رَوَاحَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أجْمَعِينَ، فَقَالُوا مَنْ أَنْتُمْ؟ قَالُوا: رَهْطٌ مِنَ الأَنْصَارِ، قَالُوا: أَكْفَاءٌ (٤) كِرَامٌ، مَا لَنَا بِكُمْ حَاجَةٌ، وَإِنَّمَا نُرِيدُ بَنِي عَمِّنَا، ثُمَّ نَادَى مُنَادِيهِمْ: يَا مُحَمَّدُ! أَخْرِجْ لَنَا أَكْفَاءَنَا مِنْ قَوْمِنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "قُمْ يَا عُبَيْدَةُ بنُ الحَارِثِ، قُمْ يَا حَمْزَةُ، قُمْ يَا عَلِيُّ"، فَلَمَّا قَامُوا وَدَنَوْا مِنْهُمْ، قَالُوا: مَنْ أَنْتُمْ (٥)؟ فَأَخْبَرُوهُمْ، فَقَالُوا: نَعَمْ أكْفَاءٌ كِرَامٌ،


(١) تَشْخب دمًا: تَسِيل دمًا، والشخب: السيلان. انظر النهاية (٢/ ٤٠٣).
(٢) انظر سيرة ابن هشام (٢٣٦/ ٢).
(٣) قال الحافظ في الإصابة (٨/ ٢٤٠): عفراء هذه لها خصيصة لا توجد لغيرها، وهي أنها تزوجت بعد الحارث، البكير بن ياليل الليثي، فولدت له أربعة: إياس، وعاقلًا، وخَالِدًا، وعامرًا، وكلهم شهدوا بدرًا، وكذلك إخوتهم لأمهم بنو الحارث وهم: مُعَاذ، ومُعَوذ، وعوف، فانتَظَم من هذا أنها امرأة صحابية لها سبعة أولاد شهدوا كلهم بدرًا مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.
(٤) الكُفْءُ: النظِير والمُسَاوي. انظر لسان العرب (١٢/ ١١٢).
(٥) قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ في البداية والنهاية (٣/ ٢٨٩): وفي هذا دليل أنهم كانوا ملبسين لا يعرفون من السلاح.

<<  <  ج: ص:  >  >>